>> صفحات
خاصة >> رمضان 2009 >>
كيف تقلع عن المعاصي
بأكل أموال الناس وأخذها ظلماً وظلم الناس والشتم والتعدي
والإستطالة على الضعفاء.
قال الله تعالى: "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون
إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار* مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم
وأفئدتهم هواء* وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى
أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال* وسكنتم
في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال"
وقال الله تعالى: "إنما السبيل على الذين يظلمون الناس"
وقال الله تعالى: "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته". ثم قرأ
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه
أليم شديد".
وقال صلى الله عليه وسلم: "من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله اليوم
من قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، فإن لم
يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه".
وقال صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي إني حرمت الظلم
على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتدرون
من المفلس؟ قالوا: يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن
المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج فيأتي وقد شتم هذا، وأخذ
مال هذا، ونبش عن عرض هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا. فيؤخذ لهذا من حسناته وهذا من
حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخِذ من خطاياهم فطرح عليه ثم طرح في
النار"
وهذه الأحاديث كلها في الصحاح والحديث: "إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق
فلهم النار يوم القيامة" وقوله لمعاذ حين بعثه إلى اليمين: "واتق دعوة المظلوم فإنه
ليس بينها وبين الله حجاب" وفي الصحيح: "من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين
يوم القيامة".
وفي بعض الكتب يقول الله تعالى: "اشتد غضبي على من ظلم من لم يجد له ناصراً غيري"
وأنشد بعضهم:
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً فالظلم يرجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
وكان بعض السلف يقول: لا تظلم الضعفاء فتكون من أشرار الأقوياء،
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: إن الحباري لتموت في وكرها هزالاً من ظلم الظالم وقيل
مكتوب في التوراة: ينادي مناد من وراء الجسر -يعني الصراط- يا معشر الجبابرة الطغاة،
ويا معشر المترفين الأشقياء إن الله يحلف بعزته وجلاله أن لا يجاوز هذا الجسر اليوم
ظالم. عن جابر قال: لما رجعت مهاجرة الحبشة عام الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: ألا تخبروني بأعجب ما رأيتم بأرض الحبشة؟ فقال فتية كانوا منهم: بلى يا
رسول الله بينما نحن يوماً جلوس إذ مرت بنا عجوز من عجائزهم تحمل على رأسها قلة ماء،
فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت المرأة على ركبتيها و
انكسرت قلتها. فلما قامت التفتت إليه ثم قالت: سوف تعلم يا غادر إذا وضع الله
الكرسي وجمع الله الأولين والآخرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، سوف
تعلم من أمري وأمرك عنده غداً. قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدقت كيف
يقدس الله قوماً لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم؟".
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خمسة غضب الله عليهم إن شاء أمضى غضبه
عليهم في الدنيا وإلا أمر بهم في الآخرة إلى النار: أمير قوم يأخذ حقه من رعيته ولا
ينصفهم من نفسه ولا يدفع الظلم عنهم وزعيم قوم يطيعونه ولا يساوي بين القوي والضعيف
ويتكلم بالهوى، ورجل لا يأمر أهله وولده بطاعة الله ولا يعلمهم أمر دينهم، ورجل
استأجر أجيراً فاستوفى منه العمل ولم يوفه أجرته ورجل ظلم امرأة صداقها".
وعن عبد الله بن سلام قال: إن الله تعالى لما خلق الخلق واستووا على أقدامهم رفعوا
رؤوسهم إلى السماء، وقالوا: يا رب مع من أنت؟ قال: مع المظلوم حتى يؤدى إليه حقه.
وعن وهب بن منبه قال: بني جبار من الجبابرة قصراً وشيده، فجاءت عجوز فقيرة فبنت إلى
جانبه كوخاً تأوي إليه، فركب الجبار يوماً وطاف حول القصر، فرأى الكوخ فقال: لمن
هذا؟ فقيل لامرأة فقيرة تأوي إليه فأمر به فهدم، فجاءت العجوز فرأته مهدوماً فقالت:
من هدمه؟ فقيل: الملك رآه فهدمه فرفعت العجوز رأسها إلى السماء وقالت: يا رب إذا لم
أكن أنا حاضرة فأين كنت أنت؟ قال: فأمر الله جبريل أن يقلب القصر على من كان فيه
فقلبه.
وقيل لما حبس خالد بن برمك وولده قال: يا أبتي بعد العز صرنا في القيد والحبس، فقال:
يا بني دعوة المظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها، وكان يزيد بن حكيم
يقول: ما هبت أحداً قط هيبتي رجلاً ظلمته، وأنا أعلم أن لا ناصر له إلا الله يقول
لي: حسبي الله.. الله بيني وبينك.
وعن أبي أمامة قال: يجيء الظالم يوم القيامة حتى إذا كان على جسر جهنم لقيه المظلوم
وعرفه ما ظلمه به، فما يبرح الذين ظلموا بالذين ظلموا حتى ينزعوا ما بأيديهم من
الحسنات، فإن لم يجدوا لهم حسنات حملوا عليهم من سيئاتهم مثل ما ظلموهم حتى يردوا
إلى الدرك الأسفل من النار.
و"عن عبد الله بن أنيس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يحشر العباد
يوم القيامة حفاة عراة غرلاً بهما فيناديهم مناد بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من
قرب، أنا الملك الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة أو أحد من أهل
النار أن يدخل النار وعنده مظلمة أن أقصه حتى اللطمة فما فوقها ولا يظلم ربك أحد.
قلنا يا رسول الله كيف وإنما نأتي حفاة عراة. فقال: بالحسنات والسيئات جزاء ولا
يظلم ربك أحداً".
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من ضرب سوطاً ظلماً اقتص منه يوم
القيامة" ومما ذكر أن كسرى اتخذ مؤدباً لولده يعلمه ويؤدبه حتى إذا بلغ الولد
الغاية في الفضل والأدب استحضره المؤدب يوماً وضربه ضرباً شديداً من غير جرم ولا
سبب، فحقد الولد على المعلم إلى أن كبر ومات أبوه فتولى الملك بعده فاستحضر المعلم
وقال له: ما حملك على أن ضربتني في يوم كذا وكذا ضرياً وجيعاً من غير جرم و لا سبب،
فقال المعلم: اعلم أيها الملك أنك لما بلغت الغاية في الفضل والأدب علمت أنك تنال
الملك بعد أبيك، فأردت أن أذيقك ألم الضرب وألم الظلم حتى لا تظلم أحداً، فقال:
جزاك الله خيراً ثم أمر له بجائزة وصرفه.
ومن الظلم أخذ مال اليتيم، وتقدم حديث معاذ بن جبل
حين قال له رسول الله: واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
وفي رواية أن دعاء المظلوم يرفع فوق الغمام ويقول الرب تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي
لأنصرنك ولو بعد حين وأنشدوا شعراً:
توق دعا المظلوم إن دعاءه ليرفع فوق السحب ثم يجاب
توق دعا من ليس بين دعائه وبين إله العالمين حجاب
ولا تحسبن الله مطرحاً له ولا أنه يخفى عليه خطاب
فقد صح أن الله قال وعزتي لأنصر المظلوم وهو مثاب
فمن لك يصدق ذا الحديث فإنه جهول وإلا عقله فمصاب
ومن أعظم الظلم المماطلة بحق عليه مع قدرته
على الوفاء لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مطل
الغني ظلم"
ومن الظلم أن يظلم المرأة حقها من صداقها ونفقتها وكسوتها
وهو داخل في قوله صلى الله عليه وسلم "لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته". (لي: أي
مماطلة)
وعن بن مسعود رضي الله عنه قال: يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة فينادي به على
رؤوس الخلائق هذا فلان ابن فلان من كان له عليه حق فليأت إلى حقه. قال: فتفرح
المرأة أن يكون لها حق على أبيها أو أخيها أو زوجها ثم قرأ: فلا أنساب بينهم يومئذ
ولا يتساءلون. قال فيغفر الله من حقه ما شاء ولا يغفر من حقوق الناس شيئاً، فينصب
العبد للناس ثم يقول الله تعالى لأصحاب الحقوق: ائتوا إلى حقوقكم. قال فيقول الله
تعالى للملائكة: خذوا من أعماله الصالحة فأعطوا كل ذي حق حقه بقدر طلبته، فإن كان
ولياً لله وفضل له مثقال ذرة ضاعفها الله تعالى له حتى يدخله الجنة بها، وإن كان
عبداً شقياً ولم يفضل له شيء فتقول الملائكة: ربنا فنيت حسناته وبقي طالبوه، فيقول
الله: خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته، ثم صك له صكاً إلى النار. ويؤيد ذلك ما
تقدم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أتدرون من المفلس؟ فذكر أن المفلس من أمته
من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام، ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأخذ مال هذا،
فيؤخذ من حسناته ولهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من
خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار".
ومن الظلم أن يستأجر أجيراً أو إنساناً في عمل ولا يعطيه
أجرته لما ثبت في صحيح البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول
الله تعالى: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته: رجل أعطى بي غدر،
ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه العمل ولم يعطه أجرته"
وكذلك إذا ظلم يهودياً أو نصرانياً أو نقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً
بغير طيب نفسه فهو داخل في قوله تعالى: أنا حجيجه -أو قال: أنا خصمه- يوم القيامة،
ومن ذلك أن يحلف على دين في ذمته كاذباً فاجراً لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: "من اقتطع حق امرىء مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار
وحرم عليه الجنة، قيل: يا رسول الله وإن كان شيئاً يسيراً؟ قال وإن قضيباً من أراك".
وقد روي أنه لا أكره للعبد يوم القيامة من أن يرى من يعرفه خشية أن يطالبه بمظلمة
ظلمه بها في الدنيا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لتؤدين الحقوق إلى أهلها
يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء". وقال صلى الله عليه وسلم: "من
كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو من شيء فليتحلل منه اليوم من قبل أن لا يكون دينار
ولا درهم. إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من
سيئات صاحبه فحمل عليه ثم طرح في النار". و"روى عبد الله بن أبي الدنيا بسنده إلى
أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أول من يختصم يوم القيامة
الرجل وامرأته والله ما يتكلم لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت
تعنث لزوجها في الدنيا ويشهد على الرجل يده ورجله بما كان يولي زوجته من خير أو شر،
ثم يدعى بالرجل وخدمه مثل ذلك فما يؤخذ منهم دوانيق ولا قراريط ولكن حسنات هذا
الظالم تدفع إلى هذا المظلوم، وسيئات هذا المظلوم تحمل على هذا الظالم، ثم يؤتى
بالجبارين في مقامع من حديد فيقال سوقوهم إلى النار" وكان شريح القاضي يقول: سيعلم
الظالمون حتى من انتقصوا أن الظالم ينتظر العقاب والمظلوم ينتظر النصر والثواب.
وروي أنه أراد الله بعبده خيراً سلط عليه من يظلمه، ودخل طاوس اليماني على هشام بن
عبد الملك فقال له: اتق الله يوم الأذان، قال هشام: وما يوم الأذان؟ قال: قال الله
تعالى: "فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين" فصعق هشام، فقال طاوس: هذا ذا
الصفة فكيف بذل المعاينة؟ يا راضياً باسم الظالم كم عليك من المظالم؟ السجن جهنم،
والحق الحاكم!.
في الحذر من الدخول على الظلمة ومخالطتهم ومعونتهم، قال الله تعالى "ولا تركنوا إلى
الذين ظلموا فتمسكم النار" والركون ههنا السكون إلى الشيء والميل إليه بالمحبة. قال
ابن عباس رضي الله عنهما: لا تميلوا كل الميل في المحبة ولين الكلام والمودة، وقال
السدي وابن زيد: لا تداهنوا الظلمة، وقال عكرمة: هو أن يطيعهم ويودهم، وقال أبو
العالية: لا ترضوا بأعمالهم "فتمسكم النار" فيصيبكم لفحها "وما لكم من دون الله من
أولياء"، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ما لكم من مانع يمنعكم من عذاب الله "ثم لا
تنصرون" لا تمنعون من عذابه، وقال الله تعالى: "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" أي
أشباههم وأمثالهم وأتباعهم. "وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: سيكون أمراء يغشاهم غواش أو حواش من الناس يظلمون ويكذبون، فمن دخل
عليهم وصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ومن لم يدخل عليهم ولم
يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه" و"عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
من أعان ظالماً سلط عليه"، وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: لا تملأوا أعينكم من
أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لئلا تحبط أعمالكم الصالحة، وقال مكحول الدمشقي
: ينادي مناد يوم القيامة أين الظلمة وأعوانهم؟ فما يبقى أحد مد لهم حبراً أو حبر
لهم دواة أو بري لهم قلماً فما فوق ذلك إلا حضر معهم فيجمعون في تابوت من نار
فيلقون في جهنم.
وجاء رجل خياط إلى سفيان الثوري فقال: إني رجل أخيط ثياب السلطان هل أنا من أعوان
الظلمة؟ فقال سفيان بل أنت من الظلمة أنفسهم، ولكن أعوان الظلمة من يبيع منك الإبرة
والخيوط.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أول من يدخل النار يوم القيامة
السواطون الذين يكون معهم الأسواط يضربون بها الناس بين يدي الظلمة" وعن ابن عمر
رضي الله عنهما قال: الجلاوزة والشرط كلاب النار يوم القيامة. الجلاوزة أعوان
الظلمة.
وقد روي أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام أن مر بني اسرائيل أن لا يتلو من
ذكري فإني أذكر من ذكرني، وأن ذكري إياهم أن ألعنهم، وفي رواية فإني أذكر من ذكرني
منهم باللعنة. وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يقف أحدكم في موقف
يضرب فيه رجل مظلوم فإن اللعنة تنزل على من حضر ذلك المكان إذا لم يدفعوا عنه".
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أتى رجل في قبره فقيل له: إنا
ضاربوك مائة ضربة فلم يزل يتشفع إليهم حتى صاروا إلى ضربة واحدة فضربوه، فالتهب
القبر عليه ناراً فقال: لم ضربتموني هذه الضربة فقالوا: إنك صليت صلاة واحدة بلا
طهور ومررت برجل مظلوم فلم تنصره". فهذا حال من لم ينصر المظلوم مع القدرة على نصره
فكيف حال الظالم؟!!
وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "انصر أخاك ظالماً
أو مظلوماً، فقال يا رسول الله: أنصره إذا كان مظلوماً فكيف أنصره إذا كان ظالماً؟
تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره".
ومما حكي قال بعض العارفين: رأيت في المنام رجلاً ممن يخدم الظلمة والمكاسين بعد
موته بمدة في حالة قبيحة فقلت له ما أحوالك؟ قال: شر حال، فقلت: إلى أين صرت؟ قال:
إلى عذاب الله. قلت: فما حال الظلمة عنده؟ قال شر حال، أما سمعت قول الله عز وجل: "وسيعلم
الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"
ومما حكي قال بعضهم رأيت رجلاً مقطوع اليد من الكتف وهو ينادي من رآني فلا يظلمن
أحداً فتقدمت إليه، فقلت له: يا أخي ما قصتك؟ قال: يا أخي قصة عجيبة، وذلك أني كنت
من أعوان الظلمة فرأيت يوماً صياداً وقد اصطاد سمكة كبيرة فأعجبتني، فجئت إليه فقلت:
أعطني هذه السمكة، فقال: لا أعطيكها أنا آخذ بثمنها قوتاً لعيالي، فضربته وأخذتها
منه قهراً ومضيت بها. قال: فبينا أنا أمشي بها حاملها إذ عضت على إبهامي عضة قوية
فلما جئت بها إلى بيتي وألقيتها من يدي ضربت على إبهامي وآلمتني ألماً شديداً حتى
لم أنم من شدة الوجع والألم وورمت يدي، فلما أصبحت أتيت الطبيب وشكوت إليه الألم،
فقال: هذه بدء الآكلة أقطعها وإلا تقطع يدك، فقطعت إبهامي ثم ضربت على يدي فلم أطق
النوم ولا القرار من شدة الألم، فقيل لي: إقطع كفك فقطعته، وانتشر الألم إلى الساعد
وآلمني ألماً شديداً، ولم أطق القرار، وجعلت أستغيث من شدة الألم: فقيل لي: اقطعها
إلى المرفق فقطعتها، فانتشر الألم إلى العضد وضربت على عضدي أشد من الألم الأول،
فقيل اقطع يدك من كتفك وإلا سرى إلى جسدك كله فقطعتها، فقال لي بعض الناس: ما سبب
ألمك؟ فذكرت قصة السمكة، فقيل لي: لو كنت رجعت في أول ما أصابك الألم إلى صاحب
السمكة واستحللت منه وأرضيته لما قطعت من أعضائك عضواً، فاذهب الآن إليه واطلب رضاه
قبل أن يصل الألم إلى بدنك. قال: فلم أزل أطلبه في البلد حتى وجدته، فوقعت على
رجليه أقبلها وأبكي وقلت له: يا سيدي سألتك بالله إلا عفوت عني. فقال لي: ومن أنت؟
قلت: أنا الذي أخذت منك السمكة غصباً، وذكرت ما جرى وأريته يدي فبكى حين رآها. ثم
قال: يا أخي قد أحللتك منها لما قد رأيته بك من هذا البلاء، فقلت: يا سيدي بالله هل
كنت قد دعوت علي لما أخذتها؟ قال: نعم. قلت: اللهم إن هذا تقوى علي بقوته على ضعفي
على ما رزقتني ظلماً فأرني قدرتك فيه. فقلت: يا سيدي قد أراك الله قدرته في وأنا
تائب إلى الله عز وجل عما كنت عليه من خدمة الظلمة، ولا عدت أقف لهم على باب، ولا
أكون من أعوانهم ما دمت حياً.
المصدر: برنامج كيف تقلع عن المعاصي من موقع رحاب القلب.