الإختلاط

 

>> صفحات خاصة >> رمضان 2009 >> حتى يغيروا ما بأنفسهم

الاختلاط:
هو اجتماع الرجل بالمرأة التي ليست بمحرم، اجتماعاً يؤدي إلى الريبة، أو هو اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم في مكان واحد يمكنهم فيه الاتصال فيما بينهم بالنظر، أو الإشارة، أو الكلام، أو البدن، من غير حائل أو مانع يدفع الريبة والفساد"( انظر عودة الحجاب، لمحمد أحمد إسماعيل المقدم، 3/52).
وبناء على هذا التعريف يمكن تقسيم الاختلاط إلى أقسام:
1- اختلاط جائز:
وهو كل ما كان في الأماكن العامة وتدعو الحاجة إليه ويشق التحرز عنه , ولا محظور فيه كاختلاط النساء بالرجال في الأسواق والمساجد والطرقات ووسائل المواصلات, ونحو ذلك, وكل ما ورد في الشرع من الرخصة محمول على هذا القسم ولا يمنعه أحد من أهل العلم.
ويشترط لجواز الاختلاط على هذا النحو شروط:
* أن تكون المرأة مستترة بالحجاب الشرعي .
* أن لا يكون هناك خلوة بين الرجل والمرأة.
* الابتعاد عن الرجال مهما أمكن إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
* أن يكون حضور المرأة لحاجة يشق عليها تركها وتكون الحاجة طارئة ينتهي بزوالها.

2- اختلاط محرم:
وهو كل ما كان في مكان خاص, أو موطن يدعو إلى الفساد والريبة أو اشتمل على محظور شرعي.
وحقيقته أن يخالط الرجل المرأة ويجلس إليها كما يجلس إلى امرأته أو إحدى محارمه بحيث يرتفع
الحاجز بينهما ويطلع على مفاتنها, ويتمكن من التأثير عليها لو أراد.
ويزداد الأمر سوءاً إذا كان ملازماً لها كالاختلاط في التعليم, أو مجال العمل, وكل من ابتلى بذلك علم أنه
لابد أن يطلع على خصوصيات المرأة, ولا بد أن يخلو بها.
=============

ثانياً: الأصل أمر النساء بالقرار في البيوت:
ولهذا كان قرار المرأة في بيتها هو الأصل، فهو عزيمة شرعية في حقهن، وخروجهن من البيوت رخصة لا تكون إلا لضرورة أو حاجة، بضوابط الخروج الشرعية.
قال الله: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}، قال القرطبي –رحمه الله- "معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى، هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والانكفاف على الخروج منها إلا لضرورة"( تفسير القرطبي 14/178).
قال الشيخ بكر أبوزيد:
"ومن نظر في آيات القرآن الكريم، وجد أن البيوت مضافة إلى النساء في ثلاث آيات من كتاب الله تعالى، مع أن البيوت للأزواج أو لأوليائهن، وإنما حصلت هذه الإضافة -والله أعلم- مراعاة لاستمرار لزوم النساء للبيوت، فهي إضافة إسكان ولزوم للمسكن والتصاق به، لا إضافة تمليك، قال الله تعالى‏: ‏{وقرن في بيوتكن}، وقال سبحانه‏:
‏{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَات ِاللهِ وَالحِكْمَةِ}، وقال عز شأنه‏: {‏لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ}‏"(حراسة الفضيلة ص89-90).
ومع ذلك قد تقتضي الحاجة خروج النساء، وعندها فلا حرج في خروجهن إذا أمنت الفتنة وكان خروجها منضبطاً بضوابط الشريعة، فلا تخرج متطيبة ولا متزينة، أو متبرجة ولا سافرة، ولا تزاحم الرجال في وسط الطرقات، بل تلتزم حافتها، وإذا احتاجت إلى الكلام مع الأجانب فلا تخضع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، فمتى انقضت الحاجة أو ارتفعت الضرورة عاد كل إلى أصله.
ثالثاً: الأدلة الشرعية على تحريم الاختلاط.
قال تعالى " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ".
قال تعالى " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب"
قال تعالى " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها "
قال تعالى " ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن".

=======================
ومن السنة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير صفو ف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " رواه مسلم.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ويمكث هو في مقامه يسيرا قبل أن يقوم قال نرى والله أعلم أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال " رواه البخاري.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق " رواه أبو داود.
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم موضعا للنساء في مصلى العيد ثم أقبل عليهن فوعظهن " رواه البخاري.
قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن "رواه البخاري
وقال ابن القيم :
ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة ، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا.
واتفق الفقهاء على تحريم الاختلاط بين الجنسين اذا اشتمل على شيء من المحظورات كالخلوة أو التبرج أو الإطلاع على مفاتن المرأة أو الاستمتاع بكلام المرأة وبدنها ونحو ذلك.

================
رابعاً: هل التعلم ضرورة يبيح محظور الاختلاط.
ونأتي بعد هذا التطواف والتأصيل الضروري -لأننا ولله الحمد لا نصدر في أقولنا وأعمالنا إلا من مشكاة الوحيين- إلى بيت القصيد, وجواب السائل, فيقال:
إذا تقرر بالأدلة الشرعيّة, واتفاق أئمة العلم قاطبة, على تحريم الاختلاط المؤدّي إلى ريبة وفتنة, كما سبق تقريره, فهل تعلم النساء ضرورة لاختلاطهن بالرجال.
حكم طلب النساء للعلم:
طلب العلم واجب على كل مسلمة، كشأن الرجال فالكل محتاج إليه، وأقصد بذلك العلم الشرعي الضروري الذي عليه قوام الدين, كتعلم التوحيد, وباقي أركان الإسلام وما يلحق بها. لقوله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" رواه الطبراني في المعجم وصححه الألباني.
ويدخل فيه تعلم الضروري من أمور المعايش الذي يختص بالنساء, كالطب والتمريض وغيرهما.

==============================
هل التعليم يقتضي المخالطة:
لقد كانت الصحابيات رضي الله عنهن أحرص النساء على تعلم أمور دينهن, ولم يمنعهن الحياء عن السؤال, كما جاء في أثر عائشة رضي الله عنها.
ولكن رغم هذا الحرص, فقد كنا حريصات أيضاً على صيانة عفتهن, وعن الاختلاط بالرجال, ولم يجعلن التعليم مسوغاً ومبرراً للاختلاط.
فلم يكنَّ يُزاحمن الرجال لأجل تحصيله، ولكن طلبن أن يَجْعَل لهنّ النبي صلى الله عليه وسلم مجلساً خاصاً لا يكون للرجال فيه نصيب، وقد بوب البخاري في كتاب العلم من الصحيح، باب: هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم، وساق حديث أبي سعيد، قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً.. الحديث.
قال العيني:
"أي عين لنا يوماً" وقال: "قوله غلبنا عليك الرجال معناه أن الرجال يلازمونك كل الأيام ويسمعون العلم وأمور الدين، ونحن نساء ضعفة لا نقدر على مزاحمتهم، فاجعل لنا يوماً من الأيام نسمع العلم ونتعلم أمور الدين" (عمدة الباري شرح صحيح البخاري 2/134).
وقد نص الفقهاء على المنع من اختلاط الرجال بالنساء في المسجد، لما يترتب عليه من مفاسد (انظر مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى 2/258، وغذاء الألباب في شرح منظومة الآداب 2/314).
ويشمل ذلك الاختلاط بغية طلب العلم.
ولو كان الاختلاط جائزاً لقال لهن احضرن مع الرجال مجالس العلم والذكر، فهو أولى من تبديد الطاقات والنبي صلى الله عليه وسلم أحرص على حفظ الأوقات.
الضرورة إذا اقتضت اختلاطاً:
تقرر أن الاختلاط محرم "ولا يدخل في ذلك ما تدعو إليه الضرورة وتشتد الحاجة إليه ويكون في مواضع العبادة كما يقع في الحرم المكي والحرم المدني.
فمن المقرر أن الضرورات تبيح المحظورات، بَيْدَ أن الضرورة تقدر بقدرها، فيتقي المرءُ ربَّه ويتحرز عما نهاه عنه ما استطاع.
فإذا اقتضت الضرورة اختلاطاً، كما في الحج -على سبيل المثال- فإن الحج ركن من أركان الإسلام وهو فعل مأمور مقدم على ترك المحظور، فإن اشتد الزحام ولم يمكن تجنبه كالحال في هذه الأزمنة، فتؤدي المرأة فرضها، متقيدة بضوابط الشرع، حريصة على محرمها، ثم تتحرز ما استطاعت، والله غفور رحيم.
ومثل الحج سائر الضرورات التي تبيح المحظورات، فينبغي أن تقدر بقدرها، ولا يتعدى قدر الاضطرار فيها.
وهذا يقدره ويقرره أهل العلم والشأن فهم أعلم بضابط الضروريات وأجدر بعرض الوقائع على الأحاديث والآيات، فإن وجدت ضرورة لا تكون إلاّ مع الاختلاط.
فكشأن سائر المحظورات تباح بقدر الحاجة، وبعد انتهائها يعود كل حكم إلى أصله.

منقول.