النسمة التاسعة: وبرا بوالديه 3

 


تعلم ولا تتكبر
وها هو عبدالله بن عون البصري تلميذ الامام إبن سرين وأحد الأئمة الأعلام: " أن أمه نادته.. فعلا صوته صوتها.. فخاف فأعتق رقبتين".
وبكل صراحة يا من تعصيهم وتعوقهم.. بالله عليك ماذا ستجني من ذلك؟! أترى أنك كبرت أم من الرجولة الصياح في وجوههم ورفض طلباتهم؟!
كان محمد بن سرين إذا دخل على أمه لم يكلمها بلسانه كلمة تحشما لها، ونادت إم عبدالله بن عون فأجابها فعلا صوته على صوتها.. فأعتق رقبتين؟! وتأكد أن ما مر من كلمات إنما يخاطب إنسان وهو أنت.. نعم أنت.. فهل سيظل صوتك مرتفعا وسيبقى هاجرا للرحم، وبكاء قلب أمك وأبيك لا يزال على حالك معهم؟!

محطة للتزود
أخي.. أختاه.. من عنده نعمة فقد الإحساس بها، فأنت بين والديك لا تشعر بقيمتهم وبركة دعوتهم، وإذا أردت أن تتأكد من الكلام فسل من فقد أحدهما أو كلاهما، فسيقول لك: أتمنى عودتهم ولو دفعت كنوز الدنيا ولن أرفض لهم مطلوبا.. وسيكوت تراب أقدامهم على رأسي..
فيا أخانا .. ويا أختنا
لما العناد مع الأب والأم مع أنهما أحرص الناس والعالم أجمع على مصلحتك؟! وإذا وقع الاختلاف فاقرع بابهم بالنقاش في هدوء واحترام؟! واجعل بينك وبينهم من الود والحب والضحكة وقرة العين سبيل.. فصدقني هما نعمة.. لا تعوض.. لا تعوض.. لا تعوض..
وعلامة تعجب من د. مصطفى السباعي "ليس في الدنيا إنسان يتحمل العذاب راضيا مختارا في سبيل غيره كالأم في سبيل ولدها، وليس في الدنيا إنسان يتعرض للجحود ونكران الجميل كالأم من ولدها، وهذا من أعجب مفارقات الحياة".

المطلوب الآن
سئل الفضل بن عياض عن بر الوالدين فقال: "أن لا تقوم الى خدمتهما عن كسل"
وسئل بعضهم فقال: " أن لا ترفع صوتك عليهما، ولا تنظر شزرا إليهما.. ولا يريا منك مخالفة في ظاهر ولا باطن.. وأن تترحم عليهما ما عاشا.. وتدعو لهما إذا ماتا"..

وهنا يا أخانا ويا أختنا
أقول لكم
ما أجمل أن تقبل أيديهم طاعة لربك وعرفانا لهم بالجميل، ولا تدع للشيطان فرصة ليثبطك عن ذلك.. والزم الدعاء بأن يوفقك الله لهذه الخطوة.. اذهب الآن وأحضر لهم هدية وبطاقة ودون بها بعض الكلمات القلبية الرقيقة.. وتعلم.. متفقون؟!
وهم والديك ولست بحاجة لأبثك وصايا فأنت أدرى بما يحبوه.. أليس كذلك؟!

ولحظة يا أصحاب..
كان أحد التابعين يسمى كهمس الدّعاء.. وكان يعمل ويحصل كل يوم على درهمين، فإذا أمسى اشترى بهما فاكهة فأتى بها الى أمه، وأراد سليمان بن علي الهامشي أن يعطيه مالا يشتري به خادما لأمه به، فوضع صرة المال في البيت ومضى، فأخذهما كهمس الدّعاء وخرج وراءه حتى أعطاه ماله، وظل يقوم على خدمة إمه ورعايتها حتى ماتت!!

والرسالة واضحة .. ولا تعليق!!