النسمة السادسة: شهادة ميلاد جديدة

 


عزيمة كانطلاقة دينار

هو دينار العيار كانت والدته تعظه ولا يتعظ فمر ذات يوم بمقبرة كثيرة العظام فأخذ منها عظما نخرا فتفتت في يده ،ففكر في نفسه وصرخ فيها: ويحك! كأني بك غدا قد صار عظمك هكذا رفاتا والجسم ترابا، وأنا اليوم أقدم على المعاصي !! فندم وعزم على التوبة ورفع رأسه الى السماء وقال: الهي !! ألقيت اليك مقاليد أمري فاقبلني وارحمني! ثم مضى الى أمه متغير اللون منكسر القلب... وكان اذا جنه الليل أخذ في البكاء والحرقة والندم ويقول لنفسه: ويحك يا دينار !! ألك قوة على النار؟؟!! كيف تعرضت لغضب الجبار؟! حتى الصباح..
فقالت له أمه ذات مرة: ارفق بنفسك ! فقال: دعيني أتعب قليلا لعلي أستريح طويلا !! يا أمي ان لي موقفا طويلا بين يدى رب جليل ولا أدري أيؤمر بي الى الظل ظليل أو الى شر مقيل (النار) !! اني أخاف عناء لا راحة بعده !! وتوبيخا لا عفو معه !! قالت : فاسترح قليلا، قال : ألراحة أطلبها ....اتضمنين لي الخلاص!؟ فقالت : فمن يضمنه لي ؟!! قال : فدعيني وما أنا عليه ؟... كأنك يا أماه غدا بالخلائق يسوقون الى الجنة وأنا أساق الى النار !!
فمرت به في بعض الليالي في قراءته فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ففكر فيها واضطرب وبكى فجاءت اليه أمه ونادت عليه فلم يجبها !!! فقالت :قرة عيني !! أين الملتقى؟؟؟ فقال بصوت ضعيف : ان لم تجديني في عرصة يوم القيامة فاسألي مالكا (خازن النار) عني ... ثم شهق شهقة مات فيها فجهزته وغسلته وخرجت تنادي: أيها الناس هلموا الى الصلاة على قتيل النار!! فجاء الناس ...فلم ير أكثر جمعا ولا أغزر دمعا من ذلك اليوم !!!

يا صاح.. هل راودك الحزن على ما فات.. وروح العزيمة على ما هو آت؟! ومن الآن وعلى الفور افتح صفحة جديدة مع الله وابدأ بسم الله.. فبداية يقظتك الحقيقية ستبدأ من الآن نعم من الآن.. وطالما تعلق القلب بجذور الثواب أنبت اليقظة بعد طول سبات وأثمر الاستيقاظ بعد طول رقاد.. فهو قلب يؤتي أكله كل حين بإذن ربه..

الآن افتح صفحة بيضاء مشرقة..
1- مع الله سبحانه وتعالى بالتوبة الصادقة.
2- مع الحبيب صلى الله عليه وسلم بطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر.
3- مع الوالدين والأقارب والأرحام.
4- مع المجتمع الذي تعيش فيه حتى تكون عبدا صالحا ونافعا وأفضل الناس أنفعهم للناس.

ساعة بلا ذنب
وأهديك فكرة تحتاج مزيدا من الجهد والاجتهاد أن تحدد ساعة وتعلن فيها أنها ساعة بلا ذنب... مهما اشتدت الأزمات.. مهما راود الشيطان.. مهما ضايقتك الظروف والأولاد.. مهما ضاق عليك الخناق.. فلا تتلفظ الا بالخير وتجنب التلفاز والغضب والنظرة الحرام والأغنية الماجنة.. وهكذا.. وإن نجحت فلك ثمرات عديدة أقلها.. امتلاك النفس وتقوية دافع الإرادة وحسن مراقبة الله.. ومن ثم اليوم التالي يكون ساعتين بلا ذنب وهكذا... والله المستعان فهل ستعقد العزم.. أم لازال الأمر غير مفهوم.. أم أشباح الذنوب لازالت محلقة حول رقبتك..

فجدد العهد فليس رمضان شهر خمول ونوم وكسل كما يظنه البعض ولكنه شهر جهاد وعبادة وعمل، فحري بنا أن ننتهز فرصة الحياة والصحة والشباب فنعمرها بطاعة الله وحسن عبادته وأن ننتهز فرصة قدوم هذا الشهر الكريم فنجدد العهد مع الله على التوبة الصادقة في جميع الأوقات من جميع الذنوب والسيئات، ألم تسمعه ينادي "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها"

فهل ستجدد العهد؟!