أحبتي في الله،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
ها قد مضى من رمضان عشرون يوما وهاهي العشر الاواخر قد أقبلت، فيا مرحبا بأفضل
ليال العام وأكرمها!
كم أسعدني ما رأيت من إقبال الكثيرين على أوجه الخير كلها في هذا الشهر الفضيل،
من زكاة وصدقة، الى افطار صائم وصلة أرحام، الى كسوة عيد للأيتام والمساكين، الى
كل رغبة في الاجر والثواب والى رغبة في اغتنام كل لحظة في رمضان في عمل يرضي الله
عز وجل.
إحدى هذه المظاهر كانت في إفطارات الايتام في دريم بارك حيث أمضى الاطفال وقتا في
اللعب قبل تناولهم الافطار ليعاودوا اللعب من الجديد قبل أن يحصلوا على هداياهم
ليعودوا الى بيوتهم وقد ارتسمت على وجههم فرحة يدمع لها القلب ويلهج اللسان بحمد
الله أن يسر لنا ادخال السرور على هؤلاء الاطفال.
وأكثر ما اعجبني تعاون الجميع في هذه الافطارات من مشاركين وموظفي الالعاب
ورغبتهم في نيل الاجر والثواب واهتمامهم الرائع بالاطفال! جزاهم الله كل الخير.
وبينما يسعى الكثير الى اعمال الخير كلها، أتعجب أن أجد أناس لم يكن نصيبهم من
رمضان سوى صيام نهاره، يقومون بنفس أعمالهم اليومية وربما بكسل أكثر، انشغال في
العمل أو مع الاصدقاء، متابعة المسلسلات والافلام! والنوم والناس يسجدون لله
يطلبون رضاه!
لا أقول هنا اننا يجب أن نتفرغ في رمضان للعبادة وأعمال الخير فقط، فالاجر كل
الاجر في اتقان اعمالنا والقيام بها على الوجه الذي يرضي الله عنا، كما ان الصحبة
الصالحة مطلوبة وبشدة لتعين على الخير.
ولكن.. في هذه الايام كنز كبير.. نضيعه ولا نشعر بقيمته.. في هذه الليالي ليلة
القدر.. ليلة خير من الف شهر، فيها تقدر أقدارنا وارزاقنا للعام القادم!
فبالله عليكم لو أننا علمنا اننا سنحصل على زيادة في الراتب في نهاية شهر ما ..
أفلا تكون همتنا عالية في هذا الشهر ونظهر تفانيا في العمل لننال الزيادة المجزية؟!
ولله المثل الاعلى ... كيف اذا والله الرازق جعل لنا ليلة فيها الخير الكثير
والدعاء المستجاب.. افلا نسعى بكل ما نستطيع لنبلغ هذه الليلة؟!؟ أتقدر أرزاقنا
بينما نحن نائمون غافلون؟؟؟
انا اعلم ان بعض الناس يقومون ليلة السابع والعشرين فقط لأنهم يميلون الى انها
ليلة القدر، افلا يعلم الله انهم يطمعون في اجر سهل دون تعب؟ أمثلهم كمثل من امضى
الشهر كاملا طائعا مسرعا الى الله، أم كمن امضى العام كله .. أم العمر كله؟؟؟؟
ومع ذلك فلا زالت العشر الاواخر في بدايتها ومازال بالامكان الاستيقاظ من الغفلة
لنذوق حلاوة عمل الخير .. وحلاوة الاعتكاف والعبادة .. وحلاوة الاقبال على ما بقي
من شهر رمضان.
من حديث عائشة: ( كان رسول الله إذا دخلت العشر شد مئزره و
أحيا ليله و أيقظ أهله ) و ( أن النبي كان يعتكف
العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ).
فلنتزوّد في هذه الايام والليالي بالطاعات ، لنحرص على الفريضة مع الإمام ولنلزم
النافلة، لنحرص على أداء صلاة التراويح والقيام مع جموع المسلمين ، ونلازم فيها
دعاء : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني فهي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم
لأم المؤمنين . لنكثر من قراءة القرآن ،ولنقم برعاية والدينا ونلزمهما بالطاعة
والبر فإن ذلك من أعظم فرص استغلال شهر رمضان . لنصل أرحامنا ونسعى الى ادخال
السرور على المسلمين جميعا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن أحب الاعمال إلى الله تعالى بعد الفرائض : إدخال
السرور على المسلم ، كسوت عورته ، أو أشبعت جوعته ، أو قضيت حاجته".
فلنقبل على عشر رمضان بكل جهدنا وقوتنا ولنحرص على أن يكون ختام شهرنا ختاماً حياً
مباركاً.
أسأل الله ان يتقبل مني ومنكم وأن يثبتنا بعد رمضان.
أختكم إيمان نيروخ