كتابة: رشا أبو شام
تجميع بيانات: سائدة صباح، حنان جاموس، تسنيم حمّاد
تدقيق: سنا السالم
فكرة واعتماد: رامي غزال
تحميل الملف
الأصلي
المقدمة
نشكّل كأفراد جزءً من مؤسسات المجتمع الذي نعيش به. تتسع دائرة اهتماماتنا
ومسؤولياتنا كلما كبرنا، ونضيف إلى ذلك مجموعة من العلوم والمهارات والخبرات
المكتسبة على مرّ الزمن. ويختلف كل منا من حيث سمات الشخصية التي يمتلكها وذلك
تبعاّ للعديد من الأمور والمسببات، ويتجه بناءّ على ذلك إلى المهنة أو النشاط الذي
يوافق هذه السمات والمؤهلات بمجموعها.
تختلف الاهتمامات والاتجاهات وبالتالي تختلف المناصب والأدوار التي يلعبها ويشغلها
كل منا. ولا نفرّق في ذلك بين ذكر وأنثى؛ فالرجل والمرأة منذ البداية سواء كما قال
تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (الحجرات- 13) وقال تعالى:
"وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ
قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ" (الأنعام- 98). فالأصل هو النفس
الواحدة التي يتعامل معها الشرع في الإجمال دون تمييز، فتأتي الآية تخاطب "الناس"
أو "الذين آمنوا" لتدل على الرجال والنساء على حد سواء. وفي بعض الآيات التي تتطلّب
التفصيل ما كان إلا أن قال تعالى: "المؤمنين والمؤمنات" وذلك فقط للتأكيد على
الأمر.
نرى من خلال ذلك أن كل منهما مكلّف بالطريقة نفسها؛ فلا يتم التعامل بناء على
الذكورة والأنوثة بل بناء على الأدوار والقدرات الشخصية. والإسلام لم يقتصر على
كونه شريعة وتعاليم، بل تعدى ذلك ليكون نظام شامل للحياة ونهج نسير بإتباعه. ومن
أهم المبادئ التي غرسها الإسلام ودافع عنها وأوصانا بها سيدنا محمد صلى الله عليه
وسلّم (مكانة ورعاية المرأة في المجتمع). وكأنه صلى الله عليه وسلّم قد رأى
المستقبل أمامه وعرف ما سيؤول إليه أمر المرأة في القرن الواحد والعشرين من تيارات
واتجاهات تدافع عنها وتطالب بحقوقها بسبب الابتعاد عن المنابع الأصلية للتشريع
والفهم غير العميق للكثير من القضايا، وهذا ما دعاه صلى الله عليه وسلّم لمخاطبة
الصحابة رضوان الله عليهم بقوله: "استوصوا بالنساء خيرا".
وقد تولت المرأة مناصب عديدة تختلف في أهميتها ومجالاتها؛ فمنها السياسية
والاقتصادية والدينية والاجتماعية. وقد خلّد التاريخ نماذج عديدة للنساء اللواتي
أدرن المشاريع الاقتصادية وأقمن المؤسسات الدينية والتعليمية وقمن بالإشراف عليها
وغير ذلك الكثير من الأعمال على مرّ العصور. وإلى يومنا الحاضر، لا زالت المرأة
تتولى العديد من المناصب وتتعهّد الأعمال التي تبدع فيها ولديها من الاهتمامات
والقدرات ما يؤهلها لذلك.
لم يغفل المجتمع دور المرأة فيما تسهم به كونها نصف المجتمع ومسؤولة عن تنشئة نصفه
الآخر، ومن المؤكد أن قدراتها وطاقاتها تؤهلها لهذا الدور الذي لا يمكن لغيرها أن
يقوم به على الوجه الصحيح. وكيف لمن يلقي بمسسؤولية تربية الأطفال، رجال ونساء
المستقبل، على عاتق المرأة وهو على علم بقدرتها على الإدارة والقيادة أن يشكك
بقدرتها على الإدارة في المواقع المختلفة في المجتمع والمتناسبة مع الدور الذي تجد
المرأة نفسها مؤهلة للقيام به، مع الإشارة هنا إلى أن تربية وتنشئة الأطفال هي أصعب
مهنة على الإطلاق وذلك حسب ما جاءت به الدراسات الحديثة حول موضوع الأعمال والمهن
ودرجة صعوبتها.
ومن هنا ننطلق لرؤيتها قائدة وإدارية ناجحة في مختلف مؤسسات المجتمع. فالمرأة التي
تملك الشخصية والقدرات والمهارات التي تؤهلها للنجاح لا تنفك أن تحقق النجاحات
المتتالية في أي موقع أو منصب تتولاه؛ وتحقق دورها في الخلافة على الأرض.
ونستعرض في مجمل حديثنا عن هذا الجانب بعضاً من الشخصيات القيادية النسائية في
مختلف المجالات والحقب الزمنية:
رئاسة الدولة
بعيداً عن الرأي في تولي المرأة منصب الرئاسة والحكم في الدولة، إلا أنها قادرة على
ذلك عند إتاحة الفرصة لها. ومن الضروري أيضاً أن تملك القدرات والإمكانات التي
تؤهلها لذلك وتمكنها من السيطرة على زمام أمور دولة بأكملها.
• حتشبسوت: ملكة فرعونية كانت الحملة العسكرية على الصومال بأمر منها وهي التي
أرسلت إلى ملك البلاد رسالة توضح فيها بأن هدف الحملة ليس عسكرياً ولكنه هدفاً
تجارياً. كما أسندت الملكة قيادة الجيش إلى قائد من بلاد النوبة "غس" حتى يستطيع
التفاهم مع أهل البلاد. فكانت هذه الملكة قادرة على إدارة دفة الحكم وتوجيه الجيوش
والتخطيط لها.
• بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن الريان: ملكة سبأ، وهي امرأة ذات فراسة وحكمة وذكاء.
تمكنت من الملك بعد مقتل عمرو ذي الأذعار، فبايعها قومها وولّوها الحكم، فأدارت
شؤون البلاد بشجاعة وحكمة. رممت سد مأرب الشهير، وشيدت قصرها في مدينة مأرب.
وازدهرت على يديها التجارة والزراعة، وزادت ثروات البلاد واستقرت أحوال الناس.
لم تستبد برأيها في الأمور العظيمة والخطوب الجليلة، بل استشارت قومها، وهذا يدل
على فطنتها. فلما عرفت الحق آمنت به وأسلمت للَّه طوعًا مع سليمان عليه السلام.
• الملكة رضية الدين: جلست على عرش سلطنة دلهي نحو أربع سنوات (634-638هـ). بذلت ما
في وسعها من طاقة لتنهض بالبلاد التي خوت خزائنها من المال لإسراف أخيها، وسارت على
خطا أبيها في سياسته الحكيمة العادلة.
• الملكة شجرة الدر: في الفترة ما بين موت السلطان الصالح أيوب، ومجيء ابنه توران
شاه في (648هـ)، وهي فترة تزيد عن ثلاثة أشهر، نجحت شجرة الدر في مهارة فائقة أن
تمسك بزمام الأمور، وتقود دفة البلاد وسط الأمواج المتلاطمة التي كادت تعصف بها،
ونجح الجيش المصري في رد العدوان الصليبي، وإلحاق خسائر فادحة بالصليبيين، وحفظت
السلطنة حتى تسلمها توران شاه الذي قاد البلاد إلى النصر.
وجد المماليك أنفسهم في وضع جديد، فقد أصبحوا أصحاب الكلمة الأولى في البلاد،
ومقاليد الأمور في أيديهم، ولم يعودوا أداة في يد من يستخدمهم لتحقيق مصلحة أو نيل
هدف، وعليهم أن يختاروا سلطانًا للبلاد، وبدلاً من أن يختاروا واحدًا منهم لتولي
شؤون البلاد اختاروا شجرة الدر لتولي هذا المنصب الرفيع.
• كوسم مهبيكر: وهي جدة السلطان "محمد الرابع" الذي حين آلت إليه رئاسة الدولة لم
يكن يتعدى السابعة من عمره فلا يقوى على مباشرة سلطته وإدارة الدولة. فتولت مهمته
جدته وأصبحت نائبة السلطنة، واستمرت فترة نيابتها ثلاث سنوات.
لم يكن عمر السلطان "محمد الرابع" يمكنه من مباشرة سلطاته حتى بعد وفاة جدته، فتولت
أمه "خديجة تارخان" نيابة السلطنة، وكانت صغيرة السن، في الرابعة والعشرين من عمرها
حين تولت نيابة السلطنة، وتتمتع بذكاء شديد، وحرص على مصالح الدولة العليا. وبعد أن
تم إعلان أن السلطان قد بلغ سن الرشد؛ فانتهت بذلك فترة نيابة أمه التي استمرت
ثماني سنوات.
• انديرا غاندي: وصفت بأنها أقوى امرأة في آسيا ورئيسة حزب المؤتمر الوطني الهندي
فازت في الانتخابات وترأست الحكومة للمرة الثانية. وكانت انديرا غاندي قد شغلت هذا
المنصب من قبل طيلة الفترة الممتدة من عام 1966 إلى عام 1977. كانت هذه آخر مرة
تترأس الحكومة بالطبع لأن أحد حراسها اغتالها عام 1984م.
على الرغم من أنها قالت أنها ليست امرأة متحررة على الطريقة الغربية، إلا أن صحافة
الغرب النسائية راحت تستخدم صورتها كشعار لها. وراحت المجلات النسائية تقول: "إذا
كانت انديرا غاندي تحكم بلداً كبيراً كالهند فهذا يعني أن المرأة قادرة على كل
شيء".
الاقتصاد والتجارة
هناك العديد من الصفات والإمكانات التي تمكّن المرء من إنشاء مشروع اقتصادي وإدارته
بالشكل الصحيح. والتاجر أو الاقتصادي الناجح يكون رجلاً أو امرأة فإن ذلك لا يفرق
في ظل القدرة والوعي الكامل بأوضاع السوق والصناعات والبضائع. وكذلك امتلاك الشخصية
المناسبة للقيام بهذا العمل والقدرة على تحمل مشاقّه.
• أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد -رضي اللَّه عنها-: هي خير نساء العالمين.
كان أهل مكة يصفونها بسيدة نساء قريش، وكانت ذات شرف ومال وحزم وعقل. وكانت لها
تجارة كبيرة ما بين مكة وبلاد الشام. وكانت هي التي تدير تجارتها بنفسها. وكانت
السيدة خديجة أول من آمن بعد الرسول عليه الصلاة والسلام.
• أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش -رضي الله عنها-: كانت السيدة زينب تجيد دبغ
الجلود وخرزها، فتعمل وتنفق ما تكسبه على المساكين. فبذلك تكون السيدة زينب -رضي
الله عنها- قد تولت مشروعاً تجارياً وقامت بإدارة حساباتها وشؤونها المالية بذاتها.
• هند بنت عتبة –رضي الله عنها-: جاءت إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقالت: يا
أمير المؤمنين، أريد أن أتاجر، وليس لي مال، فأقرضني من بيت مال المسلمين. وبالفعل
كان هذا أول قرض يخرج من خزينة الدولة الإسلامية لامرأة كي تتاجر فيه.
• الشفاء بنت عبد الله –رضي الله عنها-: عيّنها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في
وظيفة الحسبة؛ فهي مسؤولة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنع الغش والاضطراب
في الأسواق. وهذه الوظيفة خطيرة جداً وتحتاج إلى بذل الجهد الكبير في متابعة
ومراقبة التعاملات مع التجّار.
• لبنى سليمان العليان: سيدة الأعمال السعودية التي طبَّق اسمُها الآفاق في منتدى
جدة الاقتصادي العالمي في السنة الماضية. عاد فبزغ نجمها المتجدد مرة أخرى إلى
العيان، فأضافت لنفسها مقعداً علياً في المجتمع السعودي في عالم المال والاقتصاد،
حينما تم انتخابها عضواً في مجلس إدارة البنك السعودي الهولندي، فصارت بذلك الحدث
الفريد أول سيدة سعودية يتم انتخابها انتخاباً حراً مباشراً في منصب عمومي في
البلاد.
العلوم المختلفة
تفوّقت المرأة في مختلف مجالات العلوم فمنها الدينية والعلمية والأدبية والطبية
وغيرها الكثير من النواحي التي تمكنت المرأة من الدراسة والعمل والتعليم ضمنها. ولم
يقف أي عائق أمام المرأة لخوض أي من مجالات العلوم المتنوعة.
• أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبو بكر الصديق -رضي الله عنهم-: حصّلت السيدة
عائشة علمًا غزيرًا صافيًا من نبع النبوة الذي لا ينضب، جعلها من كبار المحدثين
والفقهاء؛ فروي عنها من صحيح الحديث أكثر من ألفين ومائة حديث. كانت بحرًا زاخرًا
في الدين وخزانة حكمة وتشريع، وكانت مدرسة قائمة بذاتها حيثما سارت يسير في ركابها
العلم والفضل والتقى. فقد ورد عن أبى موسى -رضي اللَّه عنه- قال: ما أُشْكِلَ علينا
-أصحاب رسول اللَّه- حديث قط، فسألنا عنه عائشة -رضي اللَّه عنها- إلا وجدنا عندها
منه علمًا.
وكان للسيدة عائشة -رضي الله عنها- علماً بالشعر والطب، بالإضافة إلى علمها بالفقه
وشرائع الدين.
وكان عروة بن الزبير -رضي الله عنه- يقول: ما رأيت أحدًا أعلم بفقه ولا بطب ولا
بشِعْر من عائشة -رضي الله عنها-.
• أم الدرداء الصغرى (هجيمة الوصابية) -رضي اللَّه عنها-: هي زوجة الصحابي أبي
الدرداء –رضي الله عنهما-. فقيهة ومحدثة كانت تعلّم الفقه والحديث في المسجد الأموي
بدمشق. وكان يجلس في حلقتها لتعلّم الفقه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان. وكان
من ضمن تلامذتها رجاء بن حيوة معلم الخليفة الراشدي الخامس عمر بن عبد العزيز.
• السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم-:
عاشت في المدينة المنورة، وفتحت بيتها لطلاب العلم، تروى لهم أحاديث رسول الله صلى
الله عليه وسلّم، وتفتيهم في أمور دينهم ودنياهم، حتى أطلقوا عليها اسم: "نفيسة
العلم والمعرفة".
وفى عام (193هـ)، وصلت السيدة نفيسة إلى مصر بصحبة والدها وزوجها. وكانت عظيمة
القدر والمكانة عند أهل مصر، فكانوا يذهبون إليها، يلتمسون عندها العلم والمعرفة،
بل كان يقصد دارها كبار العلماء. فقد تردد عليها الإمام الشافعي وكانت تناقشه في
الفقه وأصول العبادة وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم.
• فاطمة بنت محمد السمرقندي: عاشت في القرن السادس الهجري. هي زوجة الكاساني مؤلف
كتاب البدائع في الفقه الحنفي. وكانت فقيهة ومحدّثة وأخذت العلم عن جملة من
الفقهاء، وأخذ عنها كثيرون، وتصدرت للتدريس، وألفت مؤلفات عديدة في الفقه والحديث.
وكان الملك العادل نور الدين الشهيد يستشيرها في بعض شؤونه والمسائل الفقهية.
• زينب الغزالي: درست زينب في المدارس الحكومية لكنها لم تكتف بذلك. فأخذت تتلقى
علوم الدين على يد مشايخ من الأزهر منهم عبد المجيد اللبّان ومحمد سليمان النجار
رئيس قسم الوعظ والإرشاد بالأزهر والشيخ علي محفوظ من هيئة كبار العلماء بالأزهر.
وبهذا جمعت زينب بين العلوم المدرسية الحديثة والتقليدية القائمة على الأخذ المباشر
من الشيوخ.
مثلت زينب إجابة مبكرة لدعوات تحرير المرأة برؤية إسلامية. وردّت ردا مفحما على كل
التيارات التي حاولت ربط تخلف المرأة بالإسلام. بل أثبتت الدور الدعوي للمرأة
المسلمة وأن دورها الرسالي لم يتراجع. فقد أسّست جمعية السيدات المسلمات في عام
1937م. وحصلت على التصريح من وزارة الأوقاف ولم يتجاوز عمرها الثمانية عشرة ربيعا.
وكان معها موافقة على إنشاء خمسة عشر مسجدا وخرّجت في وقت قصير العديد من الواعظات.
وكانت تعقد 119 اجتماعا في السنة. وأصدرت مجلة لقيت ترحيبا واسعا.
وقد زارت الكثير من الدول العربية والإسلامية لنشر الدعوة الإسلامية وإلقاء
المحاضرات الدينية، وأوضحت الكثير من المفاهيم حول فقه الدعوة إلى الله. وأمضت في
حقل الدعوة 53 عاماً -أكثر من نصف قرن- التقت خلالها بأبرز رجال الدعوة الإسلامية
في ذلك الوقت، وتأثرت كثيرا بفكر الشيخ حسن البنا تأثرا أثمر عن ضم جمعيتها إلى
جماعته. ومما تجدر الإشارة إليه أن حركة الأخوات المسلمات قد تم تشكيلها كجماعة
مستقلة من قبَل زينب الغزالي قبل أن تنضم إلى جماعة الشيخ حسن البنا.
• عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ): الأستاذة الجامعية والباحثة والمفكرة والكاتبة
المصرية، ولدت في مدينة دمياط بشمال دلتا مصر في منتصف نوفمبر عام 1913. ابنة لعالم
أزهري، وحفيدة لأجداد من علماء الأزهر وروّاده. وتفتّحت مداركها على جلسات الفقه
والأدب، وتعلمت وفقاً للتقاليد الصارمة لتعليم النساء وقتئذ في المنزل وفى مدارس
القرآن الكريم (الكٌتَّاب)، ومن المنزل حصلت على شهادة الكفاءة للمعلمات عام 1929
بترتيب الأولى على القطر المصري كله، ثم الشهادة الثانوية عام 1931، والتحقت بجامعة
القاهرة لتتخرج في كلية الآداب قسم اللغة العربية 1939، ثم تنال الماجستير بمرتبة
الشرف الأولى عام 1941.
أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية عند وفاتها عن إقامة سرادق لتقبل
العزاء فيها في لفتة نادرة تعكس مكانة بنت الشاطئ من الخليج إلى المحيط، وقد فقدتها
الساحة الإسلامية في مطلع ديسمبر 1998، وودعتها مصر في جنازة مهيبة حضرها العلماء
والأدباء والمثقفون الذين جاءوا من شتى الدول، ونعاها شيخ الأزهر وأمَّ صلاة
الجنازة بنفسه.
لقد كانت -رحمها الله - من أعلام الأمة جاهدت بالعلم والقلم للدفاع عن دين الله،
وتُمثّل مسيرة بنت الشاطئ في طلب العلم والكفاح من أجل الدراسة في الجامعة (في زمن
كانت يقتصر فيه دور المرأة على المنزل) وفي البحث والكتابة في قضايا الفكر الإسلامي
نبراسًا لأجيال متتالية، ولا شك أن مسيرتها وإسهاماتها ستظل علامة مضيئة للمرأة
المسلمة المعاصرة، ورصيدًا فكريًا في الساحة الإسلامية.
• سعاد ماهر: (1917-1998) أول عميدة لكلية الآثار بجامعة القاهرة 1974 ولها أكثر من
60 كتابا وبحثا عن الآثار المصرية إضافة إلى موسوعة علمية في 26 جزءا عن المحافظات
المصرية.
• شهلا الكيالي: من الأسماء الشعرية النسائية الفلسطينية التي قدمت الكثير في مجال
الشعر للكبار والصغار إلى جانب كتابتها القصة القصيرة للفتيان. وأثرت رغم مرضها
المكتبة العربية ورفدته بالعديد من الكتابات في عدة حقول للإبداع.
• روحية حسن القليني: (1915–1980م) شاعرة مصرية ولدت بمدينة دسوق التحقت بجامعة
القاهرة وحصلت على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية. وبعد تخرجها سافرت إلى
العراق للعمل في حقل التعليم. وعادت إلى القاهرة عام 1944 لتعمل في المدارس
الابتدائية ثم الثانوية. عملت على إنشاء منظمة اتحاد الجامعات في مصر. وكان آخر
المناصب الحكومية التي شغلتها منصب مدير عام الإدارة العامة للتفرغ والمراكز
الثقافية التي تقرر منح التفرغ للأدباء والفنانين بمصر.
• فدوى عبد الفتاح طوقان: أديبة وشاعرة فلسطينية. كانت عضوا في مجلس أمناء جامعة
النجاح بنابلس. وحضرت العديد من المهرجانات والمؤتمرات العربية والأجنبية. وقد حصلت
على عدد كبير من الجوائز، منها جائزة رابطة الكتاب الأردنيين 1983، وجائزة سلطان
العويس 1987، وجائزة ساليرنو للشعر من إيطاليا، ووسام فلسطين، وجائزة مؤسسة عبد
العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري 1994، وجائزة كافاتيس الدولية للشعر عام 1996.
• روضة الفرخ الهدهد: حاصلة على بكالوريوس حقوق. لها خبرات في العديد من الميادين
منها؛ الإدارية، فكانت رئيسة هيئة المديرين في مؤسسة المنهل التربوية ومديرة وشريكة
في دار كندة للنشر والتوزيع ومديرة وشريكة في مؤسسة كندة للمعاهد الثقافية. وهي
رئيسة منتخبة لجمعية أصدقاء الأطفال. وعضو الهيئة الدولية لكتب الأطفال والشباب
وعضو مؤسس للمجلس العربي للطفولة والتنمية. ونشرت عدة قصص للأطفال في صحف ومجلات
محلية وعربية، بالإضافة إلى عدة أبحاث عن أدب الأطفال قُدمت في ندوات ومؤتمرات
للأطفال محلياً وعربياً. وشاركت في إعداد كتاب "ثقافة الأطفال في الأردن". كما وقد
شاركت في وضع منهاج وزارة التربية والتعليم الأردنية للصفوف الأساسية الثلاث لمدارس
المملكة الأردنية الهاشمية. تنشر مقالات سياسية ثقافية في الجرائد الأردنية
"الدستور والعرب اليوم والرأي". حصلت على جائزة الدولة التقديرية في أدب
الأطفال/الأردن عام 1999. وحصلت على جائزة خليل السكاكيني لأدب الطفل وثقافته من
رابطة الكتاب الأردنيين عام 1995.
• الدكتورة سلوى بنت عبدالله الهزاع: تم تعيينها كرئيسة واستشارية أمراض وجراحة
العيون بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث كعضو تنفيذي في المجلس العالمي
للعيون. وبذلك تكون الدكتورة سلوى الهزاع أول طبيبة من منطقة الشرق الأوسط والوحيدة
من العالم العربي والآسيوي والأوروبي والأمريكي تشغل هذا المنصب المرموق
النشاطات الاجتماعية والإنسانية
تتميز المرأة بالحس المرهف والشعور النبيل الذي يدفعها للتعاطف مع جميع فئات
المجتمع والذين يحتاجون إلى المعونة والرعاية. فأسست المرأة العديد من المؤسسات
الفاعلة والتي تخدم المجتمع بشرائحه المختلفة وقامت بإدارة العديد من المشاريع
الاجتماعية والخيرية ووقف الأموال والجهود لذلك.
• أم المؤمنين زينب بنت خزيمة -رضي الله عنها-: كانت تلقب بـأم المساكين. ومما
ذكرته كتب التاريخ والسير عنها أنها كانت ترعى من كانت به ضيعة من المسلمين، وأنها
كانت تعطف على الفقراء حتى قبل الإسلام وترعاهم. وهنا يظهر أن النساء وعلى رأسهن
زوجات النبي صلى الله عليه وسلّم كن فاعلات في مجتمعهن، وأنهن كن يبادرن للقيام
بواجب الرعاية للمحتاجين في المجتمع.
• السيدة رفيدة الأنصارية –رضي الله عنها-: سجل التاريخ لهذه الصحابية الفاضلة
دورها الاجتماعي في جانب رعاية المرضى والجرحى، وهو من الأوسمة التي يجب أن تفخر
بها المرأة؛ والرواية الوحيدة التي وردت عن حياة تلك السيدة الفاضلة والتي تداولتها
كتب التاريخ والتراجم تقول -والنص هنا من تاريخ الطبري- أنها كانت تحتسب نفسها على
خدمة من كانت به فاقة وحاجة من المسلمين، وأنها كانت لها خيمة في المسجد النبوي
الشريف تداوي فيها الجرحى، وقد مرّضت فيها الصحابي الجليل سعد بن معاذ -رضي الله
عنه-، وإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزوره في خيمتها.
وتحليل النص يؤكد أن خيمة رفيدة رضي الله عنها كانت مشهورة بين المسلمين وأنها كانت
محل اعتبار وتقدير من النبي صلى الله عليه وسلم باعتبارها أول مستشفى ميداني في
الإسلام.
• زبيدة بنت جعفر: زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد وهي من طلائع النساء اللاتي
قمن بأعمال خيرية عملاقة، وذلك من نفقتها الخاصة؛ ففي رحلتها للحج سنة (186هـ=
802م) رأت ما يعانيه أهل مكة المكرمة من جهد في سبيل الحصول على الماء الصالح
للشرب، فبادرت باستدعاء خازن مالها وأمرته أن يجمع المهندسين والعمال من أنحاء
البلاد لإيجاد حل سريع وفعال لهذه المشكلة، فأخبرها الخازن أن هناك صعوبات كبيرة في
حل هذه المشكلة، وأن إيجاد الماء العذب لمكة سيكلفها أموالا طائلة، فما كان من
زبيدة إلا أن أمرته بتنفيذ المشروع حتى لو كانت ضربة المعول بدينار (أي أن تكون
ضربة المعول بما يعادل 40 دولارا حاليا) وهو ما يؤكد صدق عزيمتها للقيام بهذا
المشروع.
وقد قام المهندسون والعمال بوصل منابع المياه من الجبال حتى أوصلوها بعين حنين
بمكة، وتم تمهيد الطريق للماء في كل منخفض وسهل وجبل، وعرفت العين بعين زبيدة، وكان
طولها حوالي 10 أميال، كما أقامت الكثير من الآبار والمنازل والمساجد على الطريق
بين بغداد ومكة، وهذه الأعمال لا تقوم بها إلا الدول، فإذا قامت به سيدة فاضلة فهو
دليل على قلبها العامر بالخير، وقدرتها على تنفيذ العمل الاجتماعي الخيري. ويذكر أن
زبيدة أنفقت في رحلة الحج تلك التي استمرت حوالي 60 يوما ما يقرب من 54 مليون درهم،
وهو ما يشير إلى حجم ثرائها الواسع وإنفاقها الكبير في وجوه الخير.
• عصمة الدين بنت معين الدين أنر: زوجة الملك العادل نور الدين محمود التي بنت
مدرسة للفقهاء في دمشق وأوقفت عليها المال الكثير.
• مريم بنت الشمس العفيف: زوجة الملك اليمني المظفر من حكام اليمن الرسوليين وكانت
كثيرة البر والإحسان، فأنشأت مدرسة في زبيد عرفت باسم المدرسة السابقية ورتبت فيها
إماما ومؤذنا ومعلما للأيتام، وأوقفت عليها أموالا كثيرة للإنفاق عليها، كما أنشأت
مدرسة أخرى في تعز عرفت بـالمدرسة المعزية، ودُفنت في إحدى المدارس التي أنشأتها.
• مُسكة جارية الناصر محمد بن قلاوون: أنشأت مسجدا عظيما في مصر ودفنت فيه سنة
(746هـ= 1345م).
• أم حسام الدين بنت أيوب: أنشأت المدرسة الجوانية التي كانت تدرس الفقه الشافعي في
القرن السابع الهجري.
• الأميرة عزيزة بنت أحمد: أوقفت كل ما تملك على وجوه البر والإحسان؛ فأقامت
بيمارستانا (مستشفى) لمعالجة شتى الأمراض عرف بالبيمارستان الصادقي.
• أم البنين فاطمة بنت محمد الفهري: كانت سيدة أندلسية الأصل هاجرت إلى مدينة فاس
مع أسرتها، وكان والدها ذا مال واسع وتوفي. وكانت قد قامت بإعادة بناء جامع
القرويين الشهير في فاس والذي يعد من أوائل الجامعات في العالم الإسلامي في سنة
(1245هـ= 1829م) وبذلت في بناء ذلك المسجد المال الكثير.
• مريم بنت محمد الفهري: اعتنت ببناء جامع آخر في فاس وهو جامع الأندلس الذي كان من
المساجد الشهيرة في فاس والذي لعب دورا علميا في تاريخ تلك المدينة العتيقة.
• الملكة رانيا العبد الله: ملكة الأردن، عاهلة الملك عبد الله الثاني بن الحسين.
تميزت الملكة رانيا العبد الله بالنشاط في حقول مختلفة. تلتقي في مجملها بالاهتمام
بالأسرة من خلال المرأة والطفل. فهدفها تطوير الحاضر وتعزيز أدوار الأفراد وتنميته
ليصب في الصالح العام للشعب والدولة.
• الملكة نور الحسين: من أهم الناشطات في مجال حقوق الإنسان على النطاق العالمي.
اهتمت الملكة نور الحسين بالثقافة الأردنية وحقوق الطفل والمرأة والتعليم وتطوير
المجتمع المدني وقضايا اللاجئين وغيرها من المجالات. وقد أنشأت جلالة الملكة نور
الحسين العديد من المنظمات غير الحكومية، منها: مؤسسة نور الحسين ومؤسسة الحسين.
وتشارك في منظمات عالمية تعنى بشؤون السلام والحوار العالمي.
• الأميرة بسمة بنت طلال: تقود منذ سنوات حملة للإصلاحات الاجتماعية والإنسانية
والدفاع عن أوضاع الطبقات الفقيرة. عينها صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA في منصب
سفيرة للنوايا الحسنة. عملت الأميرة بسمة بنت طلال منذ عام 1977 كرئيسة للصندوق
الأردني الهاشمي للتنمية البشرية.
• الشيخة موزة : رمز لافت للانتباه في قطر، الشيخة موزة بنت ناصر المسند قرينة أمير
قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. تشغل سمو الشيخة موزة عددا من المناصب الرسمية في
قطر وفي الخارج. تشغل سمو الشيخة موزة عدة مناصب منها: رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر
للتربية والعلوم وتنمية المجتمع ورئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة ونائب رئيس
المجلس الأعلى للتعليم. إضافة إلى عملها في قطر فإن سمو الشيخة موزة تلعب دورا
رئيسيا في دعم المشاريع التنموية على الساحة الدولية، فقد تم تعيينها المبعوث الخاص
للتعليم الأساسي والعالي من قبل اليونيسكو. وفي عام 2003 أيضا، أسست سمو الشيخة
موزة الصندوق الدولي للتعليم العالي في العراق، وهو مشروع مدته ثلاث سنوات يدعم
إعادة إعمار مؤسسات التعليم المتقدم.
• الأميرة المغربية للا سلمى: تم تعيينها كسفيرة للنوايا الحسنة في مجال مكافحة
السرطان في الأمم المتحدة. ولتتم ترجمة اهتمامها الكبير بمرضى السرطان كانت الأميرة
للا سلمى قد أنشأت جمعية لمحاربة المرض في المغرب.
الحياة السياسية
السياسة هي الحياة، هي التفاعل مع المحيط بكل ما فيه. وتأبى المرأة إلا أن تكون
إنسانة فاعلة في هذا الميدان كما في الميادين والمجالات المختلفة. وقد تنوعت وتعددت
الأدوار التي شغلتها المرأة والمناصب التي احتلتها وذلك تبعاً للحاجة السياسية التي
وجدتها. والمرأة موجودة على مر الأزمان في هذا المجال بكامل تفاعلها ونشاطها
واهتماماتها الكبيرة.
• أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها-: جاهدت في سبيل اللَّه واشتركت في
معركة تبوك تنقل إلى المجاهدين الماء والزاد، وتسعف الجرحى، وتداوى المرضي، وتضمد
جراحهم، وقد أصابها يومئذٍ سهم من سهام الكفار. فكانت رضي الله عنها من النساء
اللواتي أفدن المجتمع الإسلامي وبذلن الكثير لنصرة الإسلام ولم يمنعها من ذلك مانع.
• زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلّم: قامت السيدة زينب -رضي الله عنها- بإجارة
"أبو العاص" ولم تكن النساء يجرن في ذلك الوقت إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلّم
قال: "قد أجرنا من أجارت". فقبل عليه الصلاة والسلام إجارتها لأحد الكفار وهذه
منزلة عالية بلغتها المرأة في عهد النبوة.
• أم هانئ بنت أبو طالب -رضي الله عنها-: هي ابنة عم الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقد أجارت أيضا رجلا من المشركين. وما كان من الرسول عليه الصلاة والسلام إلا أن
قال: "قد أجرْنا من أجرتِ يا أم هانئ" [متفق عليه]. وهى إحدى المؤمنات المجاهدات
اللاتي شاركن في المعارك الإسلامية مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقد شهدت
أُحدًا، وكانت تسقي المسلمين، وتداوي الجرحى. وشهدت كذلك غزوة خيبر. وروت -رضي الله
عنه- بعـضًا من أحاديــث رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
• السيدة سمية أم عمار بن ياسر –رضي الله عنها-: أول شهيدة في الإسلام. تحملت
السيدة سمية أشكال العذاب ولم تخضع لأبي جهل الذي كان يباشر عملية تعذيبها وزوجها
وابنها بنفسه. وقد كان عمرها آن ذاك ستين سنة وكانت فقيرة لا تملك شيئا ولكن موقفها
في احتمال الأذى والموت في سبيل عقيدتها كان أقوى من جميع الظروف.
• السيدة نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف الأنصاري، المعروفة بأم عمارة -رضي الله
عنها-: حضرت بيعة العقبة الثانية، وتقول في ذلك: كانت الرجال تصفِّق على يدي رسول
الله صلى الله عليه وسلّم ليلة العقبة، والعباس آخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلّم،
فلما بقيتُ أنا وأم منيع أختي؛ نادى زوجي "غُزية بن عمرو": يا رسول الله هاتان
امرأتان حضرتا معنا يبايعانك، فقال النبي: "قد بايعتُهما على ما بايعتُكم عليه".
ويقول النبي صلى الله عليه وسلّم عن أم عمارة: "ما التفتُّ يومَ أُحد يمينًا ولا
شمالا إلا وأراها تقاتل دوني".
ويقول عليه الصلاة والسلام أيضاً: "لمَقَاَم نسيبة بنت كعب اليومَ خيرٌ من مقامِ
فلان وفلان" [ابن سعد].
وكانت السيدة أم عمارة رضي الله عنها قد عاهدتْ الله أن لا تموت دون مسيلمة
الكذَّاب؛ لهذا جاءت أبا بكر الصديق -عندما أراد إرسال الجيش إلى اليمامة لمحاربة
المرتدين ومسيلمة الكذاب- تستأذنه فى الخروج مع الجيش، فقال لها: قد عرفنا بلاءَكِ
في الحرب، فاخرجي على اسم اللّه. وأوصى خالدَ بن الوليد بها خيرًا، وفى المعركة
جاهدت وأبلت أحسن البلاء، وجُرحت أحد عشر جرحًا وقُطِعَتْ يدها، واستشهد ابنها
الثاني عبد اللَّه، وذلك بعد أن شارك معها في قتل مسيلمة عدو اللّه.
• خولة بنت الأزور -رضي الله عنها-: شاركت جيش المسلمين القتال في معركة أجنادين،
إذ اختلط على المسلمين الأمر فاعتقدوا أنها القائد خالد بن الوليد لطريقة قتالها
الشجاعة والجريئة. إلا أنه وحين تبين لهم أن خالد بن الوليد -رضي الله عنه- واقف
أمامهم وليس هو ذاك الفارس الملثّم بقي لديهم الفضول لمعرفة هذا المقاتل الباسل.
وعرفوا أنها خولة بنت الأزور -رضي الله عنها-.
ولم تنته معارك خَوْلة فى بلاد الشام، فقد أُسِرَ أخوها ضرار للمرة الثانية وذلك في
معركة مرج راهط، فاقتحمت الصفوف من أجله. وخاضت مع المسلمين معركة أنطاكية حتى تمَّ
النصر فيها للمسلمين، كما اشتركتْ أيضًا في فتح مصر، وغدتْ مفخرة نساء العرب
ورجالهم.
• تماضر بنت عمرو السلمية (الخنساء): كانت شاعرة رثاء في عصر الجاهلية. وقيل أن
الخنساء أصيبت بالعمى من شدة بكائها على موت أخيها. ومع قدوم عصر الإسلام، حرضت
أبناءها الأربعة من مرداس بن أبي عامر السلمي وهم عمرة وعمرو ومعاوية ويزيد على
الجهاد، وقد استشهدوا جميعاً في معركة القادسية.
• أم حرام بنت ملحان -رضي الله عنها-: شاركت في أول غزوة بحرية في فتح قبرص على عهد
عثمان بن عفان -رضي الله عنه-. ووصلت أم حرام إلى قبرص واستشهدت هناك، ونالت بذلك
لقب أول شهيدة في أوروبا.
• الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة: دبلوماسية وقانونية بحرينية، تم تعيينها رئيسة
للجمعية العامة للأمم المتحدة. وتعتبر الشيخة هيا بذلك أول امرأة عربية تتولى رئاسة
الجمعية العامة وثالث امرأة على مستوى العالم منذ سبعة وثلاثين عاما وسبق لها تمثيل
بلادها كسفيرة للبحرين لدى فرنسا ولدى المنظمة الدولية اليونسكو.
• السيدة لطيفة القعود: أول نائبة في تاريخ البحرين، وهي مسلحة بخبرتها المالية
والإدارية الطويلة لتشغل هذا المنصب.
• السيدة معصومة المبارك: هي أستاذة علوم سياسية في جامعة الكويت وتعتبر أول وزيرة
في تاريخ الكويت حيث أصبحت وزيرة للتخطيط ووزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية سنة
2005. تتولى حاليا وزارة المواصلات وذلك بالتشكيل الوزاري تموز 2006. نالت جائزة
سيدة العام من دبي.
• العين ليلى عبد الحميد شرف: عين في مجلس الأعيان الأردني وكانت وزيرة إعلام في
عام 1994. شغلت العديد من المناصب الهامة والكبيرة في الدولة. فكانت عضو في اللجنة
الملكية لصياغة الميثاق الوطني، ومجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومجلس
التربية والتعليم، والمجلس الوطني الاستشاري, ومجلس الأمناء في الجامعة الأردنية،
وجمعية الشؤون الدولية، وعضو لجنة شؤون البيئة والصحة والتنمية الاجتماعية، وعضو
لجنة الشؤون الخارجية، بالإضافة إلى كونها المؤسس والرئيس الأول لمؤسسة الشلل
الدماغي.
• العين إنعام قدوره المفتي: تم تعيينها في مجلس الأعيان الأردني عام 2003. أعدّت
البرامج التثقيفية للمرأة والأسرة في الإذاعة الأردنية وقامت بإنشاء وإدارة معهد
تدريب المعلمات والتدريب المهني للفتيات التابع لليونسكو والأونروا. كما وأدارت
مؤسسة نور الحسين وعملت كمستشارة لجلالة الملكة نور لشؤون التنمية والعلاقات
الدولية. أنشأت الاتحاد النسائي الأردني العام وكذلك رئاسة الاتحاد الوطني لصاحبات
الأعمال والمهن. ولديها عضوية في العديد من مجالس الأمناء الوطنية والإقليمية
والدولية.
• معالي الدكتورة ريما خلف: تولت وزارة الصناعة والتجارة في الأردن ومن ثم وزارة
التخطيط. وأصبحت بعد ذلك عينا في مجلس الأعيان. وتتولى حالياً منصب الأمين العام
المساعد للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية للبرنامج الإنمائي
للأمم المتحدة.
• مريم محمد فرحات (خنساء فلسطين): هذه المرأة العظيمة مدرسة بأكملها بإيمانها،
بتواضعها، بصبرها، وثباتها ورباطة جأشها. وقفت شامخة بكل تواضع تدعو إلى الجهاد،
تدعو الأمهات وتدعو شعب فلسطين وتدعو المسلمين جميعـًا. الأم الفلسطينية المجاهدة
أم نضال فرحات هي من الأمهات الفلسطينيات التي دفعت الغالي والنفيس من أجل وطنها
الغالي فلسطين والتي يطلق عليها اليوم "خنساء فلسطين" وما أكثرهن: نذرت أبناءها
لله، فقالت لهم ذات يوم: محمد.. نضال.. مؤمن.. وسام.. رواد.. أرضكم مدنسة وأنتم
تنظرون، أريدكم منتصرين أو على الأعناق محمولين! وهي القائلة: "من يحب الله والوطن
فلا يتوانى عن تقديم أبنائه فداء له، والأم التي تحب ولدها تطلب له النجاة في
الدنيا والآخرة وتدفعه للجهاد ولا تجزع عند فوزه بها".
وقد تم ترشيح خنساء فلسطين كعضو في المجلس التشريعي الفلسطيني وبعد فوزها استمرت في
مسيرة المقاومة والسياسة لتكمل دربها ونضالها من أجل نيل الشعب الفلسطيني لحقوقه
كاملة.
خاتمة
ولا نغفل في خضم حديثنا عن المرأة تلك المكانة التي اختص بها الإسلام المرأة وما
قدّم لها من أساس عادل وسوي لصورتها ومكانتها ودورها في المجتمع. والمسلم الذي على
دراية وعلم بدينه هو الأقدر على فهم هذه الصورة بالشكل الصحيح. لأن أصول الدين من
قرآن كريم وسنة نبوية شريفة كافية لجعل المسلمين أحق الناس بالفهم والإدراك الصحيح
لجميع أمور الحياة. ولدور الإنسان الذي خلقه الله عز وجل للقيام به على الأرض. وقد
ضرب الله عز وجلّ مثلاً للمؤمنين والمؤمنات امرأة فرعون ومريم بنت عمران وخلّد
القرآن الكريم تلك الآيات التي تتحدّث عن المرأة التي على الجميع رجالاً وإناثاً أن
يقتدوا بها. قال تعالى: "وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن
لي عندك بيتاً في الجنة..."، وقال تعالى: "ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها
فنفخنا فيها من روحنا..." (التحريم-11/12).
إن من يفتح كتب التاريخ الإسلامي ويدرس حوادثها، يعلم كيف كان شأن المرأة في
الإسلام، فكثير من علمائنا الأفاضل في الفقه والحديث والقراءات، كان من ضمن مشايخهم
نساء عالمات، كالإمام الحافظ المنذري مثلاً، إذ عدّ من ضمن مشايخه عشرين شيخة،
والإمام العّلامة ابن قيم الجوزية الذي عدّ اثنتي عشرة شيخة من شيوخه. وكان هؤلاء
المحدثون يقولون: حدثتني الشيخة فلانة، وأخبرتني الشيخة فلانة.
وهذا الأساس يجعلنا كمسلمين واعين نتعامل مع المرأة من حيث الحقوق والواجبات بطريقة
مختلفة عن العديد ممن لا يزال ينظر إلى المرأة بالنظرة التي تحكمها عادات المجتمع
وتقاليده العمياء. فنجد المجتمع يحرّم ويحلّل بمعزل عن الدين والأحكام الشرعية،
ونجد الكثير من المثقفين الجهّال الذين لم تؤثّر ثقافتهم على جوانب الحياة ولم
يفدهم العلم والتطوّر في ترك الأفكار المغلوطة والمشوّهة عن التعامل مع المرأة
ووجودها الفاعل في مؤسسات المجتمع المختلفة.