تفويضُ الأمرِ إلى اللهِ ، والتوكلُ عليهِ ، والثقة بوعدِهِ ، والرضا بصنيعهِ وحُسنُ
الظنِّ بهِ ، وانتظارُ الفرجِ منهُ ؛ من أعظمِ ثمراتِ الإيمانِ ، وأجلِّ صفاتِ
المؤمنين ، وحينما يطمئنُّ العبدُ إلى حسنٍ العاقبةِ ، ويعتمدُ على ربِّهِ في كلِّ
شأنِه ، يجد الرعاية ، والولاية ، والكفاية ، والتأييدَ ، والنصرةَ .
لما ألقي إبراهيمُ عليه السلامُ في النارِ قال : حسبنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ ،
فجعلها اللهُ عليه برْداً وسلاماً ، ورسولُنا r وأصحابُه لما هُدِّدُوا بجيوشِ
الكفار ، وكتائبِ الوثنيةِ قالوا : ﴿حَسْبُنَا اللّهُ
وَنِعْمَ الْوَكِيلُ{173} فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ
يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾
.
إنَّ الإنسان وحده لا يستطيعُ أنْ يصارع الأحداث ، ولا يقاوم الملمَّاتِ ، ولا
ينازل الخطوبَ ؛ لأنه خُلِقَ ضعيفاً عاجزاً ، إلا حينما يتوكلُ على ربِّه ويثقُ
بمولاه ، ويفوِّضُ الأمرَ إليه ، وإلا فما حيلةُ هذا العبدِ الفقيرِ الحقيرِ إذا
احتوشتْهُ المصائب، وأحاطتْ به النكباتُ ﴿ وَعَلَى اللّهِ
فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ .
فيا من أرادَ أن ينصح نفسه : توكلْ على القويِّ الغنيِّ ذي القُوَّةِ المتين ،
لينقذك من الويلاتِ ، ويخرجك من الكُرُباتِ ، واجعلْ شعِارَك ودثارَكَ حسبنا اللهُ
ونِعْمَ الوكيلُ ، فإن قلَّ مالُك ، وجفَّتْ موارِدك ، وشحّتْ مصادِرُك ، فنادِ :
حسبُنا اللهِ ونِعْمَ الوكيلُ .
وإذا خفتَ من عدوٍّ ، أو رُعبْتَ من ظالِمٍ ، أو فزعت من خَطْبٍ فاهتفْ : حسبنا
اللهُ ونِعْمَ الوكيل .
﴿ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً ﴾ .