بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله
وصحبه أجمعين .
فقد أعجبني تساؤلاتكم عن تحقيق ثمرة التقوى ،
وأردت أن أضع بين أيديكم نقاطًا عملية لنحقق بها هذه الثمرة المرجوة إن شاء الله
تعالى.
كيف تكون تقيًا ؟
(1) ترك بعض المباحات خوفًا من الوقوع في المكروهات أو
المحرمات .
روى الترمذي وقال : حديث حسن أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : " لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس "
.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه :
تمام التقوى أن يتقي اللهَ العبدُ حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك ما يرى أنه
حلال خشية أن يكون حراماً
وقال الحسن رحمه الله : ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة
الحرام.
وقال الثوري: إنما سمّوا متقين لأنهم اتقوا ما لا يُتقى" ما لا يُتقى عادة أو ما لا
يتقيه أكثر الناس".
وقال بعضهم:"إذا كنت لا تحسن تتقي ؛ أكلت الربا،
وإذا كنت لا تحسن تتقي؛ لقيتك امرأة ولم تغض بصرك،
وإذا كنت لا تحسن تتقي ؛ وضعت سيفك على عاتقك" ، أي تدخل في الفتن بالجهل .
فعمليًا : علينا أن ندع بعض المباحات أو المشتبهات تورعًا لننال منزلة التقوى.
مثلاً: قد يكون وجودك في يعض الأماكن للتنزه أو التسوق مباحًا ، لكن تترك فعله
أحيانا حذرا من الوقوع في الخطأ .
قد يكون لبسك لبعض الملابس مباحًأ ، لكن تترك هذا لا لشيء إلا امتثال السنة ولتحقيق
ثمرة التقوى .
فمن ستلبس اليوم الإسدال والخمار ، ومن ترتدي العباية والملحفة ، ومن ستؤثر النقاب
لتنال منزلة التقوى ؟؟؟
(2) المراقبة :
ووصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً لما بعثه إلى اليمن فقال :
"يا معاذ اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن "..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في حديث (( اتقِ الله حيثما كنت)):
" ما أعلم وصية أنفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها
قال تعالى: { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم
أن اتقوا الله }.
فلابد من أعمال سر خبيئة بينك وبين الله لتنال منزلة التقوى
(3) التزام الدعاء بذلك :
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : (( اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من
زكّاه أنت وليها ومولاها)).
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يسألها في دعائه فيقول :
(( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى))،
وفي دعاء السفر يقول: (( اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما
ترضى)).
فهم لا يقترفون الكبائر ولا يصرون على الصغائر، وإذا وقعوا في ذنب سارعوا إلى
التوبة منه
{ إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم
مبصرون}
سارعوا مباشرة إلى التوبة والإنابة إذا أصابتهم صغيرة ،
أن لا تستريح حتى تعود إلى الله طالباً الصفح والمغفرة مما ألمّ به .
(4) العفو والصفح .
قال تعالى : { وأن تعفوا أقرب للتقوى}.
فالمتقون أهل سلامة الصدر ، وهم يعفون عن الناس لأنهم يعامون ربًا عفوا يحب العفو
فهم ربانيون
(5) تحري الصّدق في الأقوال والأعمال .
قال تعالى : { والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون}،
الذي جاء بالصدق هو محمد صلى الله عليه وسلم ، والذي صدق به قيل هو أبو بكر الصديق
رضي الله عنه .
{ أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}،
هذا بيان أن المتقي يصدق ، ولا يتلونون ، ولا يعرفون الكذب في الأقوال ولا الأحوال
،
بل الصدق شعارهم في كل شيء .
(6) تعظيم شعائر الله :
قال تعالى : { ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}
.
فعظم شأن العبادات ، الصلاة على أول وقتها ، الصيام صيام جوارح وقلب لا طعام وشراب
وشهوة فقط ،
وهكذا يعظمون شأن العبادة فيرزقهم الله التقوى .
(7) العدل والإنصاف
قال تعالى : { ولا يجرمنّكم شنآن قوم ٍ على ألا تعدلوا
اعدلوا هو أقرب للتقوى} .
فلا يعرفون الظلم ، ولا تأخذهم في الله شفاعة شافع أو قرابة قريب ،
فلا يعرفون إلا العدل في كل شيء ، لأنهم يتخلقون بصفة ربهم الذي حرم الظلم على نفسه
وجعله بين الناس محرمًا .
(8) رفقة الصالحين أهل الصدق المتقين .
قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع
الصادقين} .
فلابد من صحبة الخير والأخوة الإيمانية ليحقق الإنسان هذه المنزلة ويثبت عليها .
فتعالوا بنا نتعاون على البر والتقوى ، قال تعالى : {
وتعاونوا على البر والتقوى }
هلموا عباد الله
والله المستعان