بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول
الله
.
رمضان دقائق معدودة لا أحد يعلم هل يدركه مرة أخرى أم لا. المعنى الثاني أنه
مهما حدثتكم عن السعادة أحياناً تكون أحاسيس الناس ومشاعرهم وقصصهم أقوى ألف
مرة من الدروس والكلمات، فقد حكي لي شاب عن استقالته من الشركة التي كان يعمل
بها، وأنه ذهب لعمل عُمره وأخذ يدعوا: يا جبار أجبرني وحسبي الله ونعم
الوكيل، بعدها حصل على وظيفة بمرتب أعلى من الأولى بـ 40% سبحان الله..
نتحدث اليوم عن اسم له علاقة شديدة بإسم الله الخالق ومهم أن يأتي بعده؛ لأنه صفه
من صفات الله سبحانه وتعالى منذ بداية الخلق وحتى النهاية، اسم اليوم هو الرحمن
الرحيم.
>>>>>>>>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<<<<
هدف حلقة اليوم:
الفرحة بأن ربنا هو الرحمن الرحيم، هل حاولت يوماً أن تعبد الله بعبودية الفرحة؟!
((قُلْ
بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا
يَجْمَعُونَ)) (يونس: 58). كنوز ومُتع الدنيا لا تساوي شئ إلى جانب رحمة الله بك.
>>>>>>>>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<<<<
محاور الحلقة:
(1)
معنى اسم الله الرحمن الرحيم، والفرق بين الاسمين.
(2)
كيف نعيش ونفرح مع اسم الله الرحمن الرحيم؟
(3)
آثار هذا الاسم في الكون.
(4)
أين الرحمة بين هذا الكم الرهيب من المصائب والابتلاءات؟
(5)
رحمات خاصة برمضان؟
(6)
كيف أحيا بهذا الاسم؟
>>>>>>>>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<<<<
(1) معنى اسم
الله الرحمن الرحيم، والفرق بين الاسمين:
الرحمة هى عطف يقتضي احسان على المخلوق بم يسعده ويُصلحه، أقرب قول للعلماء هو: شئ
بسيط أن الرحمن ذو الرحمة العامة والشاملة لكل ما هو مخلوق في هذا الكون
((قُلْ
مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ...))
(الأنبياء: 42). لكن الرحيم رحمه خاصة للمؤمنين ((...
وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً))
(الأحزاب: 43). أهل الجنة بعد أن يدخلوها يُقال لهم ((سَلَامٌ
قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ))
(يس: 58). التوبة رحمة خاصة؛ لأنها عودة إلى الله تبارك وتعالى ولذلك تجد كثيراً في
القرآن الكريم ((...إِنَّهُ
هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ))
(التوبة: 104). أن تأكل وتشرب وتتمتع بحياتك هذه رحمة من الله تبارك وتعالى وأن
تعبد الله في رمضان هذه رحمة خاصة من الله.. نحن نتكلم عن رحمتين رحمة عامة ورحمة
خاصة: انظر إلى هذه الآية ((...
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ...))
(الأعراف: 156)، فلقد جمعت بين الرحمن ((وَرَحْمَتِي
وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)) رحمة عامة.. وبين الرحيم ((فَسَأَكْتُبُهَا
لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ)) رحمة خاصة.
>>>>>>>>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<<<<
(2) كيف نفرح
ونعيش مع اسم الله الرحمن الرحيم؟
هذه الفرحة مع الكون منذ البداية ومع كل المخلوقات وحتى النهاية. فلنبدأ من
البداية.. إن الله يوم خلق السماوات والأرض كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش "إن
رحمتي سبقت غضبي"، يقول ابن القيم تعليقاً على المعنى السابق: صفة الرحمة هى الأصل،
فإنه سبحانه لا يكون إلا رحيماً، ورحمته من لوازم ذاته كعلمه وقدرته وسمعه وبصره
وإحسانه فيستحيل أن يكون غير ذلك، فهو دائماً رحيماً وليس دائماً غاضباً،
ويقول الحديث: " إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبل مثله ولم يغضب بعده مثله"،
ويقول ابن القيم: لكن الله يقول: (( ... وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ...))
(الأعراف: 156)، ويقول: ((...كَتَبَ
عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ...))
(الأنعام: 12) ولم يكتب على نفسه الغضب.
وسع كل شيء رحمةً وعلماً ولم يسع كل شئ غضباً وإنتقاماً؛ لذلك الرحمة كانت أحب
إليه من العذاب والعفو أحب إليه من الإنتقام. لذلك عندما ندعوا نقول: اللهم ارحمنا
فإنك بنا راحم، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر. يقول تعالى:
((وَلَوْلَا
كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى))
(طه: 129).. لزاماً هو وقوع العذاب.. لكن ما هى هذه الكلمة؟ إن رحمتي سبقت غضبي.
حديث جميل يرويه الترمذي: (لما
خلق الله آدم دخلت الروح من رأس آدم، فلما دخلت من رأسه عطس فقالت له الملائكة: قل
الحمد لله. فقال: الحمد لله. فقال له الله: يرحمك ربك)،
وهى أول كلمة قالها الله تعالى لآدم.
يقول النبي
في حديث أخر: (إن
الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة، كل رحمة كطِباق ما بين السماء والأرض،
أنزل منها إلى الأرض رحمه واحدة فبها يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن
ولدها خشية أن تصيبه من هذه الرحمة-
فكيف تكون إذاً الـ 99 رحمة؟؟- فإذا كان يوم القيامة ضم الله هذه الرحمة إلى الـ
99 ثم بسطها على خلقه، فلا يهلك يومها إلا هالك، حتى أن إبليس ليتطاول أن تدركه
رحمة الله عز وجل).
الله تعالى افتتح الكون بالرحمة، وافتتح خلق آدم بالرحمة، وافتتح القرآن بالرحمة،
وافتتح كل سور القرآن بالرحمة.. ونَهى الخلق بالرحمة.. !!
النبي
يقول: (ليس
منكم من أحد يدخل الجنة بعمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن
يتغمدني الله برحمته).
سمى الله الجنة بالرحمة ((وَأَمَّا
الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ))
(آل عمران: 107). وفي الحديث: ((أنتِ
رحمتي أرحم بكِ من أشاء من عبادي)).
من الأثر أن يأتي رجل يوم القيامة فيُقال: زنوا حسناته وسيئاته، فترجح سيئاته
فيقول من يقرضني حسنة واحدة؛ لأدخل بها الجنة؟ فيذهب لأمه وإخوانه وأصدقائه كلهم
يقولون: نفسي نفسي، فيمر برجل عنده جبال من السيئات وحسنة واحدة فيقول له الرجل: خذ
هذه الحسنة.. فيفرح.. فيقول الله تبارك وتعالى للذي أعطى الحسنة: لست أرحم به مني
وأنا أرحم الراحمين، إدخلا كلاكما إلى الجنة.
>>>>>>>>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<<<<
(3) آثار
الرحمة في الكون:
انظر إلى رحمته في تقسيم الليل والنهار، ((وَمِن
رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ
وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))
(القصص: 73). تخيلوا لو أن الليل دائم أبداً!! أو النهارد دائم أبداً!!
((قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء...))
(القصص: 71).
من رحمته أن جعل لكم الليل والنهار، ((قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ...))
(القصص: 72).
تخيل لو أتى الليل فجأة!! أو أتى النهار فجأة!! ماذا يحدث للكائنات؟ متخيل
الاضطرابات العصبية والاهتزازات التي من الممكن أن تحدث؟
((وَاللَّيْلِ
إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ))
(التكوير: 17/ 18).
*
رحمة أخرى وهى أن الله جعل الأشياء الأساسية والتي هى قوام حياتك لا أحد يتحكم فيها
أبداً.. المياه من رحمته أن يُخزنها لك في الآبار، ومن رحمته ألا يُنزلها كلها من
السحاب المُحمل بها، بل تصل لقمم الجبال فتتحول إلى ثلج على قممها تذوب في الصيف..
الهواء لا أحد يراه فيتحكم فيه.
*
رحمة أخرى وهى نزول المطر، يقول الله تبارك وتعالى ((وَهُوَ
الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ...))
( الشورى: 28)، ((انظُرْ
إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا...)) (الروم: 50). انظروا إلى الكون بطريقة جديدة غير التي تعودتم عليها.
تخيلوا لو أن الماء الذي ينزل من السماء غير عذب ((
أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ
أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاء
جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ))
(الواقعة: 68/ 69 /70 ). يقول الله تعالى:
((قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ))
(الملك: 30). أليست رحمة من الله أن يجعل الماء ينزل إلى الأنهار ليُحفظ فيها ولا
ينزل إلى الأرض؟!
*
رحمته في العلاقات الإجتماعية، من الذي غرس في الأباء والأمهات من لدن آدم إلى يوم
القيامة في كل الكائنات أن يرحموا أولادهم؟؟ المكان الذي حُفظت فيه وأنت جنين سُمى
بالرحم، وصلة الرحم.. يقول الله أنا الرحمن وهى الرحم اشتققت لها اسماً من اسمي فمن
وصلها وصلته ومن قطعها قطعته. يقول النبي
:
(لللّه
أرحم بكم من الأم الشفيقة)
*
من رحمته أنه مهما كثُرت ذنوبنا يعفو عنا.. ((وَرَبُّكَ
الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ
الْعَذَابَ...))
(الكهف: 58).
*
الرحمة بين الأزواج.. ((وَمِنْ
آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا
وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً...))
(الروم: 21). تجد الرجل يكون على خلاف مع زوجته ولكن إن حدث أو أصابها شئ يتحول إلى
قلب رقيق حنون.
*
رحمته في إرسال النبي
..
((وَمَا
أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين))
(الأنبياء: 107). ((فَبِمَا
رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ
لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ...))
(آل عمران: 159)، لأنك يا رسول الله شديد القرب من الله قذف الله من رحمته واستقر
في قلبك الرحمة فاجتمع الناس حولك ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك، وبعد
النبي أبو بكر الصديق، يقول النبي: (أرحم
أمتي بأمتي أبو بكر).
إذاً ممكن أن تستخرج منها قانون ... قُرب من الله يؤدي إلى رحمة يؤدي إلى لين مع
الناس يؤدي إلى حب وإلتفاف.. بُعد عن الله يؤدي إلى قسوة يؤدي إلى غلظة يؤدي إلى
انفضاض الناس.
الرحمة بلا حدود ولذلك انظر إلى دعاء النبي
:
((اللهم
إني اسألك رحمة تجمع بها شملي، وتلم بها شعسي، وتصلح بها أمري، وترد بها غائبي،
وتعصمني بها من كل سوء، اسألك رحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة)).
>>>>>>>>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<<<<
(4) أين الرحمة بين
هذا الكم الرهيب من المصائب والإبتلاءات؟
الله يريد أن يُسعدك لأنه رحمن رحيم، هذه السعادة إكتمالها الجنة وليست الدنيا
فالدنيا لا تساوي شئ، ولذلك لو فقدت السعادة في الدنيا فالرحمن الرحيم يُقَومك.
يقول الله تبارك وتعالى ((بَلْ
تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى))
(الأعلى: 16 / 17).
تقابل إثنان في الطريق أحدهما يسير على قدميه في طريق آخره قصر جميل، ولكن الجو حار
ومُتِعب، والأخر يقود سيارة رائعة وجميلة ولكن في طريق نهايته سيئة، قد تظن للوهلة
الأولى أن الأول مسكين لأنه مُتعَب! يقول تعالى: ((أَفَمَن
وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ))
(القصص: 61).
يقول النبي: (الدنيا
سجن المؤمن وجنة الكافر).
الإمام الرازي كان من المحبين للهندام والملابس الجيدة، ذات يوم كان خارجاً من
المسجد فقابل شخص كافر يرتدي من الملابس ما هو ممزق، فنظر الرجل للإمام الرازي
وقال: يقول نبيكم الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فأي سجن أنت فيه بهذه النعمة وأي
جنة أنا فيها بهذه النقمة؟ فرد عليه الإمام الرازي وقال: يا هذا إن ما أنا فيه إذا
ما قيس بما أعده الله في الجنة من نعيم فأنا في سجن، وإن ما أنت فيه من بلاء إذا ما
قيس بما أعده الله للكافر من عذاب فأنت في جنة. ففكر الرجل قليلاً وقال: صدق
رسولكم.. وأسلم.
لأن الدنيا سجن المؤمن، ولأن الله أعد لك الجنة، ولأن الآخرة خير وأبقى، ولأن الله
يريد أن يُسعدك فإنه سبحانه وتعالى يُتابعك ويتعهدك بالرعاية؛ لكي يدخلك الجنة،
فيبتليك بالمصيبة. ((وَلَنُذِيقَنَّهُمْ
مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) (السجدة: 21). الحديث القدسي
((وعزتي
وجلالي إني لأقبض عبدي المؤمن وإني أريد أن أرحمه، ولا أقبضه حتى أصيبه في ماله
وولده وأهله حتى يلقاني وليس عليه خطيئة، فإذا كان عليه خطيئة شددت عليه سكرات
الموت حتى يلقاني كيوم ولدته أمه)).
فتكون المصائب لكي تدخل الجنة، وتكون رحمة، وتنظر للمصائب بنظرة جديدة أن الله
تبارك وتعالى يريد أن يُصلحك ويُسعدك.
بعد نزول الآية التي تقول ((لَّيْسَ
بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ
بِهِ...))
(النساء: 123) سأل سيدنا أبو بكر النبي: يا رسول الله كيف النجاة بعد هذه الآية؟
قال النبي: ليس كذلك يا أبا بكر ولكن ألست تُصاب في ولدك؟ أليس يُصيبك الألم؟ ألست
تُصاب في مالك؟ قال: نعم يا رسول الله. فقال: فذلك ما تجزون به.
حتى الموت إن نظرت له من زاوية أخرى ستجد أنه رحمة.. هل نظرت إليه على أنك تعبت في
الدنيا وانتهى الإمتحان وحان وقت الراحة لتستعد للفرحة بقبولك في الجنة؟ حديث النبي
(أول
ما يأتي العبد الموت يأتيه ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس فيجلسون منه مد
البصر – يبشرونه – ثم يأتي ملك الموت فيجلس عند رأسه....) تخيل ما يحدث إن سمعت هذه الآية قبل أن تعاني الآم الموت وتشعر بغربة الإنتقال إلى
العالم الأخر ((يَا
أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً
مَّرْضِيَّةً))
(الفجر: 27/ 28)!! تخيل الذين توفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم.. تخيل
الفرحة وشعورك ساعتها. تخيل ملك الموت وهو عند رأسك يقول: يا أيتها النفس المطمئنة،
يا أيتها الروح الطيبة، روح فلان اين فلان اخرجي إلى رضا من الله ورضوان، ورب راضٍ
غير غضبان، اخرجي إلى رحمة الله.
تخيل وأنت تخرج روحك.. تقول الرواية التي يرويها مُسلم (فلا
يدعونها – أي الملائكة لا تدع روحك- في يده –أي في يد ملك الموت- طرفة عين، ويصعدون
بها إلى السماء، فتُفتّح له أبواب السماء فيشيعه من كل سماء مقربوها. فتقول
الملائكة: روح من هذه؟ فيقولون: روح فلان ابن فلان بأطيب أسمائه التي كان يُسمى بها
في الدنيا، فيصعدون بها إلى السماء، فيقول الله تبارك وتعالى: اكتبوا كتاب عبدي في
عليين).
تقول الآية ((وَمَا
أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ))
(المطففين: 19). أتدري ما عليون؟؟ ((كِتَابٌ
مَّرْقُومٌ))
(المطففين: 9). متخيل الرحمات التي تأتي إليك واحدة تلو الأخرى؟؟ كل هذا وأنت لم
تنزل القبر بعد؛ حتى تطمئن أولاً وتفرح تماماً.
يقول الله: اكتبوا كتاب عبدي في عليين ثم أعيدوه إلى الأرض؛ فإني منها خلقتهم وفيها
أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى. فينزلانه في قبره فيأتيه الملكان ويسألانه: من ربك؟
ربي الله. فيسألانه: ما دينك؟ ديني الإسلام. فيسألانه: ماذا تقول في الرجل الذي
بُعث فيكم؟ هو محمد
،
فينادي منادي من قِبل الله: صدق عبدي فافرشوا له من الجنة، وافتحوا له باباً إلى
الجنة، فيُمد له في قبره مَد بصره ويفتح له باباً إلى الجنة- من قال أن قبور
المؤمنين حجارة وزلط؟! من قال أن قبور المؤمنين مظلمة؟!- ثم يأتيه رجل في قبره حسن
الوجة حسن الثياب فيقول له العبد: من أنت فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير؟ فيقول: أنا
عملك الصالح، أنا عملك الصالح. فيقول العبد: ربي أقم الساعة لعلي أرجع إلى أهلي
ووالدي فأخبرهم بنعمتك علىَّ.
>>>>>>>>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<<<<
(5) رحمات خاصة برمضان:
الله يعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا لمن يحب، رحمة خاصة
للمؤمنين في رمضان قد تكون دمعة عين، رحمة خاصة صلاة ركعتين فيقربك منه، رحمة خاصة
تصلي بين يديه اليوم بعد أن ملأ قلبك بالفرح والسرور .. إذا فرح الناس بالدنيا
فافرح أنت بالله، وإذا أنس الناس بالناس فأنس أنت بالله، وإذا تودد الناس إلى
الملوك والكبراء فتودد أنت إلى الله الملك العظيم.
>>>>>>>>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<<<<
(6) كيف أحيا باسم
الرحمن الرحيم؟
ارحم الناس.. (ارحموا
من في الأرض يرحمكم من في السماء).
(الراحمون
يرحمهم الله تبارك وتعالى)..
(من
لا يَرحم لا يُرحم).
صلي أنت وزوجتك ركعتين.. يقول النبي
:
(رحم
الله رجل قام من الليل فأيقظ إمرأته فصليا ركعتين).
صلة الرحم..
(إن
الرحمة لا تتنزل على قومٍ بهم قاطع رحم).
بر الوالدين.. ((وَاخْفِضْ
لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ...))
(الإسراء: 24).
صلي اليوم القيام واقرأ القرآن بنية أن يرحمك الله تعالى.. ((وَنُنَزِّلُ
مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ...))
(الإسراء: 82). ((وَإِذَا
قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ))
(الأعراف: 204).
>>>>>>>>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<<<<
الواجب العملي:
افرح.. اسجد بفرحه، اقرأ القرآن بفرحه، ادعوه بفرحه. ((قُلْ
بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا
يَجْمَعُونَ))
(يونس: 58).
>>>>>>>>>>>>>>>>>><<<<<<<<<<<<<
أعدتها: نهى الشامي
Amrkhaled.net© جميع حقوق النشر محفوظة