الطريق

 


سيارة … وخمس ركاب … اثنان في الأمام … وثلاثة في الخلف …
أولهم يحمل خريطة … ينبه السائق إلى أن طريقه خاطئة أو صائبة … يحوله نحو الاتجاه الصحيح … يمين … يسار… أمامك مطب خفف السرعة … أما الآن فأسرع فالطريق منبسطة … اغتنمها … ولكنه لا يعلم أن العوامل الجوية والمناخية قد غيرت معالم الطريق وأن هناك طرق اختفت ولا تزال على خريطته … وطرق أخرى ظهرت ولم تظهر على خريطته…
والآخر لا يكلف نفسه فتح عينيه لرؤية الطريق وإنما يستمر في قوله:
- سر … سر… فأنت في الطريق السليمة … أكمل مشوارك ولا تخف فأنا معك …
والثالث كثير الشكوى … سريع التعب … لا يلبث كل برهة بأن يسأل السائق أن يتوقف قليلا… يغفو لحظات كثيرة ليصحو بعدها سعيدا متلهفا على الرحلة … وما أن تمر بعض الطريق حتى يتسلل التعب إليه … ويملأ الفضاء بأناته وبكائه …
أما السائق فيجلس خلف مقعده … يستمع إليهم … حائر بينهم … ولكن الثاني أحبهم إلى نفسه … ولا يستطيع أن يعصي له أمرا … يطمئن الأول بكلمات قليلة … ويصرخ في الثالث طالبا منه الكف عن الشكوى … ويبقى سائرا في طريقه …
و الأخير … الجالس بجانب السائق … ضعيف القوام … منهك القوى …يستمع للثلاثة … يدرك من منهم صائبا … ولكنه لا يملك القوة ليزجر في السائق ويجبره على اتخاذ الطريق السليمة …
وعند كل مطب يصيح الثالث متألما … ويصرخ الأول منبها وطالبا تغيير الطريق … ولكن الثاني يعود قائلا … سر فقد بدأنا الطريق ولابد أن لها نهاية … مادمنا قد بدأنا بها فلنكمل …
وأخيرا حين تعلو المخاطر وتكثر يسلك السائق طريقا أخرى ولكنه ينتظر قليلا ثم يسلك طريقه السابقة …

هذا حال الإنسان مهما صرخ العقل وتجاهلت النفس وتألم القلب … تبقى الحواس سائرة كما اعتادت … مادامت الإرادة ضعيفة … ستبقى طريقه متعرجة … عقله تائه … وقلبه متألم … إلا أن تقوى إرادته و تصبح قادرة على إدارة مسيره … على التنسيق بين ركابه … وعلى تفهم حاجاتهم …
عندها فقط لن تظهر أمامه سوى طريق واحدة صائبة …

إيمان نيروخ   
1/2000