القناعة

 

قبل أيام أرسلت قصة تحت أسم : "في بيتهم باب" تصف جمال الرضا وتؤكد على أن القناعة فعلا كنز لا يفنى. ولكن جائتني ردود مختلفة عن الموضوع .. منها من رأى أننا نعرف ذلك ولكننا لا نستطيع تطبيقه ومنهم من تذمر ثم تذمر من صعوبة الحياة وعاد ليقول الحمدلله على ما أعطاني ... هل أصنف ذلك قناعة؟!

و رأيت أن جميعنا يفعل ذلك ... يبدأ بالشكوى والتذمر حتى ينهي حديثه ب "الحمدلله" و كأنه يكمل "الذي لا يحمد على مكروه سواه"!

وهنا خطرت ببالي فكرة ... لما لا نقيس مدى قناعتنا بما لدينا ... فإن شعرنا أننا حصلنا على علامة سيئة ... بحثنا عن الاسباب و عالجناها ... وإن حصلنا على علامة مرتفعة ... حمدنا الله من قلوبنا حمدا يشعر به من حولنا.

ستقولون كيف ذلك؟! ورغم أني لا أستطيع أن أجزم أن هذه الطريقة ستفيد الا أنها محاولة. ما رأيكم في ان نفكر بالذين هم من حولنا و نضع أنفسنا في مكان كل واحد منهم ثم نسأل أنفسنا أأود أن أكون مكانه أم أفضل وضعي الحالي.

ويجب ان ننتبه الى نقطة غاية في الاهمية و هي ما تجعلنا نحسد غيرنا على ما عنده ألا و هي الجزئية. إذ نتمنى أن نكون بمثل غنى فلان و وسامة علان و رجاحة عقل آخر ولكن ليس في مكان أي منهم. لننظر الى ما أعطانا الله من عدة جوانب وهي الدين ،الصحة، العقل، النفس، الجمال، الغنى، نوعية العمل، العائلة، المعارف والاصدقاء وربما غير ذلك مما لا أذكره الان.

فهل أنت قريب من ربك تستشعره في كل موقف وتؤدي فروضك وغيرك لاه بعيد عن الله ؟ وهل انت سليم الصحة معافى وغيرك مريض؟ هل لك من رجاحة العقل والتفكير وغيرك أقل منك عقلا وإدراكا ولا يحسن ما يقوم به؟ هل لك نفس طيبة تحب الناس أم نفس مريضة تعيسة؟ هل أعطاك الله مالا ورزقا طيبا وغيرك في رزق كثير حرام أو قليل لا يسد الرمق؟! هل لك مركز في عملك وغيرك لا يجد عملا أو يعمل دون مستواه؟ هل لك عائلة طيبة تحبها و تحبك وغيرك وحيد وسط عائلة أو بدونها؟ و غير ذلك الكثير من نعم الله علينا ...

 

فإن وجدت أنك تحسد الكثير على ما هم فيه وتتمنى أن تكون مكانهم ... فالقناعة أبعد ما تكون عنك ... وحياتك لن تكون سعيدة بدونها ... وإن تمنيت أن تكون في مكان بضعة ممن تعرف ... فقناعتك بظروفك وإمكانياتك جيدة ... أما إن وصلت الى هذه النتيجة: "أنا لا أريد أن أكون مكان أحد ... ولا أرضى أن يأخذ أحد مكاني ..." فأنت في قمة الرضا فهنيئا لك :)

أعذروا فلسفتي ........ ولكنها فكرة أحببت أن أشارككم إياها ........ و الى لقاء أخر ...

 

"وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها"

إيمان نيروخ

18/3/2004